قوله تعالى : { مِنْ أَمْوَالِهِمْ } : يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلقٌ ب " خُذْ " و " مِنْ " تبعيضية . والثاني : أن تتعلق بمحذوف لأنها حالٌ مِنْ " صدقة " إذ هي في الأصل صفةٌ لها فلمَّا قُدِّمت نُصِبَتْ حالاً .
قوله : { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ } يجوز أن تكونَ التاء في " تُطَهِّرهم " خطاباً للنبي عليه السلام ، وأن تكون للغَيْبة ، والفاعل ضمير الصدقة . فعلى الأولِ تكونُ الجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ فاعل " خذ " . ويجوز أيضاً أن تكونَ صفةً ل " صدقةً " ، ولا بد حينئذ من حذف عائد تقديره تطهِّرهم بها . وحُذِف " بها " لدلالة ما بعده عليه . وعلى الثاني تكون الجملة صفةً لصدقة ليس إلا . وأما " وتُزَكّيهم " فالتاءُ فيه للخطاب لا غير لقوله " بها " فإن الضميرَ يعود على الصدقة فاستحالَ أن يعودَ الضمير مِنْ " تزكِّيهم " إلى الصدقة ، وعلى هذا فتكون الجملةُ حالاً مِنْ فاعل " خُذْ " على قولنا إنَّ " تُطَهِّرهم " حال منها وإن التاء فيه للخطاب . ويجوز أيضاً أن تكون صفة إن قلنا إن " تطهِّرهم " صفةٌ ، والعائدُ منها محذوفٌ .
وجَوَّز مكي أن يكون " تُطَهِّرهم " صفةً لصدقة على أن التاء للغيبة ، و " تُزَكِّيهم " حالاً من فاعل " خُذْ " على أن التاء للخطاب . وقد رَدُّوه عليه بأن الواوَ عاطفةٌ أي : صدقةً مطهِّرةً ومُزَكَّيَاً باه ، ولو كان بغير واوٍ جاز . قلت : ووجهُ الفسادِ ظاهرٌ فإن الواوَ مُشَرِّكَةٌ لفظاً ومعنى ، فلو كانت " وتزكيهم " عطفاً على " تُطَهِّرهم " لَلَزِمَ أن تكونَ صفةً كالمعطوف عليه ، إذ لا يجوز اختلافُهما ، ولكن يجوزُ ذلك على أن " تزكِّيهم " خبر مبتدأ محذوف ، وتكون الواوُ للحال تقديره : وأنت تزكِّيهم . وفيه ضعفٌ لقلةِ نظيرِه في كلامهم .
فتلخَّص من ذلك أن الجملتين يجوز أن تكونا حالَيْن من فاعل " خُذْ " على أن تكونَ التاءُ للخطاب ، وأن تكونا صفتين لصدقة ، على أن التاء للغيبة ، والعائد محذوفٌ من الأولى ، وأن تكون " تطهِّرهم " حالاً أو صفةً ، و " تزكِّيهم " حالاً على ما جَوَّزه مكي ، وأن تكونَ " تزكِّيهم " خبرَ مبتدأ محذوف ، والواوُ للحال .
وقرأ الحسن : " تُطْهِرهم " مخفَّفاً مِنْ " أطهر " عَدَّاه بالهمزة .
قوله : { إِنَّ صَلَوتَك } قرأ الأخوان وحفص : " إنَّ صلاتَكَ " ، وفي هود : " أصلاتك تأمُرك " بالتوحيد ، والباقون : " إنَّ صلواتك " " أصلواتُك " بالجمع فيهما وهما واضحتان ، إلا أنَّ الصلاةَ هنا الدعاء وفي تِيْكَ العبادة .
2542 يا جارةَ الحيِّ ألاَّ كنتِ لي سَكَناً *** إذ ليس بعضٌ من الجيران أَسْكَنني
ففَعَل بمعنى مفعول كالقَبْض بمعنى المقبوض والمعنى : يَسْكنون إليها . قال أبو البقاء : " ولذلك لم يؤنِّثْه " لكن الظاهر أنه هنا بمعنى فاعل/ لقولِه " لهم " ، ولو كان كما قال لكان التركيب " سكنٌ إليها " أي مَسْكون إليها ، فقد ظهر أن المعنى : مُسَكِّنة لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.