الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

قوله تعالى : { وَآخَرُونَ } : نسقٌ على " منافقون " أي : وممن حولكم آخرون ، أو ومن أهلِ المدينة آخرون . ويجوز أن يكون مبتدأ و " اعترفوا " صفتَه ، والخبر قولُه " خلطوا " .

قوله : { وَآخَرَ } نسقٌ على " عملاً " . قال الزمخشري : " فإن قلت : قد جُعِل كلُّ واحد منهما مخلوطاً فما المخلوط به ؟ قلت : كلُّ واحدٍ مخلوطٌ ومخلوطٌ به ، لأن المعنى : خلط كل واحدٍ منهما بالآخر كقولك : " خَلَطْتُ الماء واللبن " تريد : خَلَطْتُ كلَّ واحد منهما بصاحبه ، وفيه ما ليس في قولك : " خَلَطْتُ الماءَ باللبن " لأنك جَعَلْتُ الماءَ مخلوطاً واللبن مخلوطاً به . وإذا قلته بالواو جَعَلْتَ الماء واللبن مخلوطين ومخلوطاً بهما ، كأنك قلت : خَلَطْتُ الماء باللبن واللبن بالماء " . ثم قال : " ويجوز أن يكونَ مِنْ قولهم : " بِعْتُ الشاء : شاةً ودرهماً " بمعنى : شاة بدرهم " قلت : لا يريد أن الواو بمعنى الباء ، وإنما هذا تفسيرُ معنى . وقال أبو البقاء : " ولو كان بالباء جاز أن تقول : خلطْتُ الحِنْطة والشعير ، وخلطت الحنطةَ بالشعير " .

قوله : { عَسَى اللَّهُ } يجوز أن تكون الجملةُ مستأنفةً ، ويجوز أن تكونَ في محل رفع خبراً ل " آخرون " ، ويكون قولُه : " خلطوا " في محلِّ نصبٍ على الحال ، و " قد " معه مقدرةٌ أي : قد خلطوا . فتلخَّص في " آخرون " أنه معطوفٌ على " منافقون " ، أو مبتدأٌ مخبر عنه ب " خلطوا " أو الجملةِ الرجائية .