الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} (3)

قوله : { مَا وَدَّعَكَ } : هذا هو الجوابُ . والعامَّةُ على تشديد الدالِ من التَوْديع . [ وقرأ ] عروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتخفيفِها مِنْ قولِهم : وَدَعَه ، أي : تركه والمشهورُ في اللغةِ الاستغناءُ عن وَدَعَ ووَذَرَ واسمِ فاعِلهما واسمِ مفعولِهما ومصدرِهما ب " تَرَكَ " وما تصرَّفَ منه ، وقد جاء وَدَعَ ووَذَرَ . قال الشاعر :

سَلْ أميري ما الذي غَيَّرَهْ *** عن وِصالي اليومَ حتى وَدَعَهْ

وقال الشاعر :

وثُمَّ وَدَعْنا آلَ عمروٍ وعامرٍ *** فرائِسَ أَطْرافِ المُثَقَّفةِ السُّمْرِ

قيل : والتوديعُ مبالغةٌ في الوَدْع ؛ لأن مَنْ وَدَّعك مفارقاً فقد بالغ في تَرْكِك .

قوله : { وَمَا قَلَى } أي : ما أَبْغَضَك ، قلاه يَقْليه بكسر العين في المضارع ، وطيِّىء تقول : قلاه يقلاه بالفتح قال الشاعر :

أيا مَنْ لَسْتُ أَنْساه *** ولا واللَّهِ أَقْلاه

لكَ اللَّهُ على ذاكَ *** لكَ اللَّهُ [ لكَ اللَّهُ ]

وحُذِفَ مفعولُ " قَلَى " مراعاةً للفواصلِ مع العِلْم به وكذا بعدَ " فآوى " وما بعدَه .