البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

الأبتر : الذي لا عقب له ، والبتر : القطع ، بترت الشيء : قطعته ، وبتر بالكسر فهو أبتر : انقطع ذنبه . وخطب زياد خطبته البتراء ، لأنه لم يحمد فيها الله تعالى ، ولا صلى على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ورجل أباتر ، بضم الهمزة : الذي يقطع رحمه ، ومنه قول الشاعر :

لئيم بدت في أنفه خنزوانة *** على قطع ذي القربى أجذ أباتر

والبترية : قوم من الزيدية نسبوا إلى المغيرة بن سعد ولقبه الأبتر ، والله تعالى أعلم .

{ إن شانئك } : أي مبغضك ، تقدم أنه العاصي بن وائل .

وقيل : أبو جهل .

وقال ابن عباس : لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد ، فأنزل الله تعالى : { إن شانئك هو الأبتر } .

وقال شمر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط .

وقال قتادة : الأبتر هنا يراد به الحقير الذليل .

وقرأ الجمهور : { شانئك } بالألف ؛ وابن عباس : شينك بغير ألف .

فقيل : مقصور من شاني ، كما قالوا : برر وبر في بارر وبار .

ويجوز أن يكون بناء على فعل ، وهو مضاف للمفعول إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال ؛ وإن كان بمعنى الماضي فتكون إضافته لا من نصب على مذهب البصريين .

وقد قالوا : حذر أموراً ومزقون عرضي ، فلا يستوحش من كونه مضافاً للمفعول ، وهو مبتدأ ، والأحسن الأعرف في المعنى أن يكون فصلاً ، أي هو المنفرد بالبتر المخصوص به ، لا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فجميع المؤمنين أولاده ، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر ، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر .

يبدأ بذكر الله تعالى ويثني بذكره صلى الله عليه وسلم ، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف صلى الله عليه وسلم وعلى آله وشرف وكرم .