البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

الماعون : فاعول من المعن ، وهو الشيء القليل . تقول العرب : ما له معن ، أي شيء قليل ، وقاله قطرب . وقيل : أصله معونة والألف عوض من الهاء ، فوزنه مفعل في الأصل على مكرم ، فتكون الميم زائدة ، ووزنه بعد زيادة الألف عوضاً ما فعل . وقيل : هواسم مفعول من أعان يعين ، جاء على زنة مفعول ، قلب فصارت عينه مكان الفاء فصار موعون ، ثم قلبت الواو ألفاً ، كما قالوا في بوب باب فصار ماعون ، فوزنه على هذا مفعول . وقال أبو عبيدة والزجاج والمبرد : الماعون في الجاهلية : كلما فيه منفعة حتى الفاس والدلو والقدر والقداحة ، وكل ما فيه منفعة من قليل أو كثير ، وأنشدوا بيت الأعشى :

بأجود منه بماعونه *** إذا ما سماءهم لم تغم

وقالوا : المراد به في الإسلام الطاعة ، وتأتي أقوال أهل التفسير فيه إن شاء الله تعالى عز وجل .

{ ويمنعون الماعون } ، قال ابن المسيب وابن شهاب : الماعون ، بلغة قريش : المال .

وقال الفرّاء عن بعض العرب : الماعون : الماء .

وقال ابن مسعود وابن عباس وابن الحنفية والحسن والضحاك وابن زيد : ما يتعاطاه الناس بينهم ، كالفأس والدلو والآنية .

وفي الحديث : « سئل صلى الله عليه وسلم عن الشيء الذي لا يحل منعه فقال : الماء والملح والنار » وفي بعض الطرق : الإبرة والخمير .

وقال عليّ وابن عمر وابن عباس أيضاً : الماعون : الزكاة ، ومنه قول الراعي :

أخليفة الرحمن إنا معشر *** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

عرب نرى لله من أموالنا *** حق الزكاة منزلاً تنزيلا

قوم على الإسلام لما يمنعوا *** ما عونهم ويضيعوا التهليلا

يعني بالماعون : الزكاة ، وهذا القول يناسبه ما ذكره قطرب من أن أصله من المعن ، وهو الشيء القليل ، فسميت الزكاة ماعوناً لأنها قليل من كثير ، وكذلك الصدقة غيرها .

وقال ابن عباس : هو العارية .

وقال محمد بن كعب والكلبي : هو المعروف كله .

وقال عبد الله بن عمر : منع الحق .

وقيل : الماء والكلأ .