و { أولئك } مبتدأ و { الذين } صفته ، والخبر { يبتغون } .
و { الوسيلة } القرب إلى الله تعالى ، والظاهر أن { أولئك } إشارة إلى المعبودين والواو في { يدعون } للعابدين ، والعائد على { الذين } منصوب محذوف أي يدعونهم .
وقال ابن فورك : الإشارة بقوله بأولئك إلى النبيين الذين تقدّم ذكرهم ، والضمير المرفوع في { يدعون } و { يبتغون } عائد عليهم ، والمعنى يدعون الناس إلى دين الله ، والمعنى على هذا أن الذين عظمت منزلتهم وهم الأنبياء لا يعبدون إلاّ الله ولا يبتغون الوسيلة إلاّ إليه ، فهم أحق بالاقتداء بهم فلا يعبدوا غير الله .
وقرأ الجمهور : { إلى ربهم } بضمير الجمع الغائب .
وقرأ ابن مسعود إلى ربك بالكاف خطاباً للرسول ، واختلفوا في إعراب { أيهم أقرب } وتقديره .
فقال الحوفي : { أيهم أقرب } ابتداء وخبر ، والمعنى ينظرون { أيهم أقرب } فيتوسلون به ويجوز أن يكون { أيهم أقرب } بدلاً من الواو في { يبتغون } انتهى .
ففي الوجه الأول أضمر فعل التعليق ، و { أيهم أقرب } في موضع نصب على إسقاط حرف الجر لأن نظر إن كان بمعنى الفكر تعدّى بفي ، وإن كانت بصرية تعدّت بإلى ، فالجملة المعلق عنها الفعل على كلا التقديرين تكون في موضع نصب على إسقاط حرف الجر كقوله { فلينظر أيها أزكى طعاماً } وفي إضمار الفعل المعلق نظر ، والوجه الثاني قاله الزمخشري قال : وتكون أي موصولة ، أي يبتغى من هو أقرب منهم وأزلف الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب انتهى .
فعلى الوجه يكون { أقرب } خبر مبتدأ محذوف ، واحتمل { أيهم } أن يكون معرباً وهو الوجه ، وأن يكون مبنياً لوجود مسوغ البناء .
قال الزمخشري : أو ضمن { يبتغون } { الوسيلة } معنى يحرصون فكأنه قيل يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله ، وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح ، فيكون قد ضمن { يبتغون } معنى فعل قلبي وهو يحرصون حتى يصح التعليق ، وتكون الجملة الابتدائية في موضع نصب على إسقاط حرف الجر لأن حرص يتعدى بعلى ، كقوله :
{ إن تحرص على هداهم } وقال ابن عطية : و { أيهم } مبتدأ و { أقرب } خبره ، والتقدير نظرهم وودكهم { أيهم أقرب } وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها ، أي يتبارون في طلب القرب .
فجعل المحذوف نظرهم وودكهم وهذا مبتدأ فإن جعلت { أيهم أقرب } في موضع نصب بنظرهم المحذوف بقي المبتدأ الذي هو نظرهم بغير خبر محتاج إلى إضمار الخبر ، وإن جعلت { أيهم أقرب } هو الخبر فلا يصح لأن نظرهم ليس هو { أيهم أقرب } وإن جعلت التقدير نظرهم في { أيهم أقرب } أي كائن أو حاصل فلا يصح ذلك لأن كائناً وحاصلاً ليس مما تعلق .
وقال أبو البقاء : { أيهم } مبتدأ و { أقرب } خبره ، وهو استفهام في موضع نصب بيدعون ، ويجوز أن يكون { أيهم } بمعنى الذي وهو بدل من الضمير في { يدعون } والتقدير الذي هو أقرب انتهى .
ففي الوجه الأولى علق { يدعون } وهو ليس فعلاً قلبياً ، وفي الثاني فصل بين الصلة ومعمولها بالجملة الحالية ، ولا يضر ذلك لأنها معمولة للصلة { ويرجون رحمته ويخافون عذابه } كغيرهم من عباد الله ، فكيف يزعمون أنهم آلهة { إن عذاب ربك كان محذوراً } يحذره كل أحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.