ولما ذكر حالهم في الدنيا إذا أصيبوا بشيء استطرد لما يكون في الآخرة التي هي مقر الثواب والعقاب ، فأخبر تعالى عن عدله وأسند ذلك إلى نفسه بنون العظمة فقال { ونضع الموازين } وتقدم الكلام في الموازين في أول الأعراف ، واختلاف الناس في ذلك هل ثم ميزان حقيقة وهو قول الجمهور أو ذلك على سبيل التمثيل عن المبالغة في العدل التام وهو قول الضحاك وقتادة ؟ قالا : ليس ثم ميزان ولكنه العدل والقسط مصدر وصفت به الموازين مبالغة كأنها جعلت في أنفسها القسط ، أو على حذف مضاف أي ذوات { القسط } ويجوز أن يكون مفعولاً لأجله أي لأجل { القسط } .
واللام في { ليوم القيامة } قال الزمخشري : مثلها في قولك : جئت لخمس ليال خلون من الشهر .
ترسمت آيات لها فعرفتها *** لستة أعوام وذا العام سابع
وذهب الكوفيون إلى أن اللام تكون بمعنى في ووافقهم ابن قتيبة من المتقدمين ، وابن مالك من أصحابنا المتأخرين ، وجعل من ذلك قوله { القسط ليوم القيامة } أي في يوم ، وكذلك لا يجليها لوقتها إلاّ هو أي في وقتها وأنشد شاهداً على ذلك لمسكين الدارمي :
أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم *** كما قد مضى من قبل عاد وتبع
وكل أب وابن وإن عمرا معاً *** مقيمين مفقود لوقت وفاقد
وقيل اللام هنا للتعليل على حذف مضاف ، أي لحساب يوم القيامة و { شيئاً } مفعول ثان أو مصدر .
وقرأ الجمهور : { مثقال } بالنصب خبر { كان } أي وإن كان الشيء أو وإن كان العمل وكذا في لقمان ، وقرأ زيد بن عليّ وأبو جعفر وشيبة ونافع { مثقال } بالرفع على الفاعلية و { كان } تامة .
وقرأ الجمهور { أتينا } من الإتيان أي جئنا بها ، وكذا قرأ أُبي أعني جئنا وكأنه تفسير لأتينا .
وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن جبير وابن أبي إسحاق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن شريح الأصبهاني آتينا بمده على وزن فاعلنا من المواتاة وهي المجازاة والمكافأة ، فمعناه جازينا بها ولذلك تعدى بحرف جر ، ولو كان على أفعلنا من الإيتاء بالمد على ما توهمه بعضهم لتعدى مطلقاً دون جاز قاله أبو الفضل الرّازي .
وقال الزمخشري : مفاعلة من الإتيان بمعنى المجازاة والمكافأة لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء انتهى .
وقال ابن عطية على معنى : و { أتينا } من المواتاة ، ولو كان آتينا أعطينا لما تعدت بحرف جرّ ، ويوهن هذه القراءة أن بدل الواو المفتوحة همزة ليس بمعروف ، وإنما يعرف ذلك في المضمومة والمكسورة انتهى .
وقرأ حميد : أثبنا بها من الثواب وأنث الضمير في { بها } وهو عائد على مذكر وهو { مثقال } لإضافته إلى مؤنث { كفى بنا حاسبين } فيه توعد وهو إشارة إلى ضبط أعمالهم من الحساب وهو العدّ والإحصاء ، والمعنى أنه لا يغيب عنا شيء من أعمالهم .
وقيل : هو كناية عن المجازاة ، والظاهر أن { حاسبين } تمييز لقبوله من ، ويجوز أن يكون حالاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.