البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتۡ يَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ} (96)

الحدب : المسنم من الأرض كالجبل والكدية والقبر ونحوه .

النسلان : مقاربة الخطو مع الإسراع قال الشاعر :

عسلان الذئب أمسى قارباً *** برد الليل عليه فنسل

و { حتى } قال أبو البقاء متعلقة في المعنى بحرام أي يستمر الامتناع إلى هذا الوقت ولا عمل لها في { إذا } .

وقال الحوفي { حتى } غاية ، والعمل فيها ما دل عليه المعنى من تأسفهم على ما فرطوا فيه من الطاعة حين فاتهم الاستدراك .

وقال الزمخشري : فإن قلت : بم تعلقت { حتى } واقعة غاية له وأية الثلاث هي ؟ قلت : هي متعلقة بحرام ، وهي غاية له لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة ، وهي { حتى } التي تحكي الكلام ، والكلام المحكي الجملة من الشرط والجزاء أعني إذا وما في حيزها انتهى .

وقال ابن عطية : هي متعلقة بقوله { وتقطعوا } ويحتمل على بعض التأويلات المتقدمة أن تعلق بيرجعون ، ويحتمل أن تكون حرف ابتداء وهو الأظهر بسبب { إذ } لأنها تقتضي جواباً هو المقصود ذكره انتهى .

وكون { حتى } متعلقة فيه بعد من حيث ذكر الفصل لكنه من جهة المعنى جيد ، وهو أنهم لا يزالون مختلفين غير مجتمعين على دين الحق إلى قرب مجيء الساعة . فإذا جاءت الساعة انقطع ذلك الاختلاف وعلم الجميع أن مولاهم الحق وأن الدين المنجي هو كان دين التوحيد .

96