يقال : أبطأ وبطؤ مثل أسرع وسرع مقابله ، وبطآن اسم فعل بمعنى بطؤ .
{ وإن منكم لمن ليبطئنّ } الخطاب لعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن جريج وابن زيد في آخرين : لمن ليبطئن هم المنافقون ، وجعلوا من المؤمنين باعتبار الجنس ، أو النسب ، أو الانتماء إلى الإيمان ظاهراً .
وقال الكلبي : نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه .
ويبعد هذا القول قوله : عند مصيبة المؤمنين { قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيداً } وقوله : { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } ومثل هذا لا يصدر عن مؤمن ، إنما يصدر عن منافق .
واللام في ليبطئن لام قسم محذوف التقدير : للذي والله ليبطئن .
والجملتان من القسم وجوابه صلة لمن ، والعائد الضمير المستكن في ليبطئن .
قالوا : وفي هذه الآية رد على من زعم من قدماء النحاة أنه لا يجوز وصل الموصول بالقسم وجوابه إذا كانت جملة القسم قد عريت من ضمير ، فلا يجوز جاءني الذي أقسم بالله لقد قام أبوه ، ولا حجة فيها لأنّ جملة القسم محذوفة ، فاحتمل أن يكون فيها ضمير يعود على الموصول ، واحتمل أنْ لا يكون .
وما كان يحتمل وجهين لا حجة فيه على تعيين أحدهما ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : { وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم } في قراءة من نصب كلا وخفف ميم لما أي : وأن كلا للذي ليوفينهم على أحسن التخاريج .
وقال ابن عطية : اللام في ليبطئن لام قسم عند الجمهور .
وقيل : هي لام تأكيد بعد تأكيد انتهى .
وقرأ الجمهور : ليبطئن ، بالتشديد .
وقرأ مجاهد : ليبطئن بالتخفيف .
والقراءتان يحتمل أن يكون الفعل فيهما لازماً ، لأنهم يقولون : أبطأ وبطأ في معنى بطؤ ، ويحتمل أن يكون متعدياً بالهمزة أو التضعيف من بطؤ ، فعل اللزوم المعنى أنه يتثاقل ويثبط عن الخروج للجهاد ، وعلى التعدّي يكون قد ثبط غيره وأشار له بالقعود ، وعلى التعدي أكثر المفسرين .
{ فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله عليّّ إذ لم أكن معهم شهيداً } المصيبة : الهزيمة .
سميت بذلك لما يلحق الإنسان من العتب بتولية الإدبار وعدم الثبات .
ومن العرب من يختار الموت على الهزيمة وقد قال الشاعر :
إن كنت صادقة كما حدثتني *** فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل عنهم *** ونجا برأس طمره ولجام
عيره بالانهزام وبالفرار عن الأحبة .
وقال آخر في المدح على الثبات في الحرب والقتل فيه :
وقد كان فوت الموت سهلاً فرده *** إليه الحفاظ المرء والخلق الوعر
فأثبت في مستنقع الموت رجله *** وقال لها من تحت أخمصك الحشر
وقيل : المصيبة القتل في سبيل الله ، سموا ذلك مصيبة على اعتقادهم الفاسد ، أو على أن الموت كله مصيبة كما سماه الله تعالى .
وقيل : المصيبة الهزيمة والقتل .
والشهيد هنا الحاضر معهم في معترك الحرب ، أو المقتول في سبيل الله ، يقوله المنافق استهزاء ، لأنه لا يعتقد حقيقة المشهادة في سبيل الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.