تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (164)

الآية 164 وقوله تعالى : { قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء } يحتمل هذا وجهين : يحتمل : { قل أغير الله أبغي ربا } وأنتم{[8028]} تعلمون أن لا رب سواه ، ويحتمل : { قل أغير الله أبغي ربا } سواه ، وفي كل أحد أثر ربوبيته وألوهيته قائم ظاهرة ، وفي ما تدعونني إليه أحد آثار العبودية والربوبية لله فيه ، فكيف اتخذ ربا سواه ؟

وقوله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } يحتمل وجهين : يحتمل : { ولا تكسب كل نفس } من سوء { إلا عليها } لا يتحمل ذلك غيره عنه في الآخرة . وكذلك قوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزرة أخرى } وكقوله تعالى : { فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } [ النور : 54 ] ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } أي لا تكسب كل نفس ، لو تركت وما تختار إلا عليها . لكن الله بفضله يمنع [ بعض ما ]{[8029]} تختار على نفسها كقول يوسف عليه السلام : { إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي } [ يوسف : 53 ] أخبر أنها كاسبة إلا ما عصمها ربي .

وجائز أن يكون على الإضمار ؛ كأنه يقول : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } ولها . ومثله جائز في القرآن كقوله تعالى : { ليكون للعالمين نذيرا } [ الفرقان : 1 ] وهو نذير لقوم ، بشير لقوم آخرين ؛ نذير في حال ، وبشير في حال .

وقوله تعالى : { ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون } هو على الوعيد .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا كبر للصلاة أتبع التكبير بهذه الآية : { إن صلاتي ونسكي } إلى أخره .

وعن علي رضي الله عنه [ أنه ]{[8030]} قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ، ثم قال : { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } [ الأنعام : 79 ] { إن صلاتي ونسكي } إلى قوله تعالى : { وأنا أول المسلمين } [ الأنعام : 161 و 162 ] . [ أبو داوود 2795 ] وذكر أنه كان يدعو دعاء طويلا .

وروي عن عائشة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنها أنهما قالا : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذاء منكبيه ، ثم يقول : سبحانك اللهم ، وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) [ أبو داوود 776 ] .

فكان أبو حنيفة ، رحمه الله ، يختار من ذلك هذا في الفرائض .

وكذا روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه [ إذا ]{[8031]} قام إلى الصلاة كبر{[8032]} ، ثم قال : سبحانك اللهم ، وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .

وكان أبو يوسف يستحب أن يقول بهذه الكلمات . والكلمات التي رواها علي ابن أبي طالب رضي الله عنه من غير إيجاب لذلك ولا حظر لما سواه .

وكان أبو حنيفة ، رحمه الله ، لا يستحب أن يزيد في الفرائض على ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما روت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما روي عن عمر وعبد الله صلى الله عليه وسلم ، وأما في النوافل فله أن يزيد ما شاء فيها من الثناء والدعوات ، فيحتمل أن يكون ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك في النوافل .


[8028]:- في الأصل وم: وقد.
[8029]:- في الأصل وم: بعضها وما.
[8030]:- ساقطة من الأصل وم.
[8031]:- ساقطة من الأصل وم.
[8032]:- في الأصل وم: فكبر.