البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا} (7)

{ وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم } : أي ليتوبوا فتغفر لهم ، ذكر المسبب الذي هو حظهم خالصاً ليكون أقبح في إعراضهم عنه ، { جعلوا أصابعهم في آذانهم } : الظاهر أنه حقيقة ، سدوا مسامعهم حتى لا يسمعوا ما دعاهم إليه ، وتغطوا بثيابهم حتى لا ينظروا إليه كراهة وبغضاً من سماع النصح ورؤية الناصح .

ويجوز أن يكون كناية عن المبالغة في إعراضهم عن ما دعاهم إليه ، فهم بمنزلة من سد سمعه ومنع بصره ، ثم كرر صفة دعائه بياناً وتوكيداً .

لما ذكر دعاءه عموم الأوقات ، ذكر عموم حالات الدعاء .

و { كلما دعوتهم } : يدل على تكرر الدعوات ، فلم يبين حالة دعائه أولاً ، وظاهرة أن يكون دعاؤه إسراراً ، لأنه يكون ألطف بهم .

ولعلهم يقبلون منه كحال من ينصح في السر فإنه جدير أن يقبل منه ،