{ مقاعد } جمع مقعد ، وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة قعود الجن أنهم كانوا واحداً فوق واحد ، فمتى أحرق الأعلى طلع الذي تحته مكانه ، فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان ويزيدون معها ، ثم يزيد الكهان الكلمة مائة كذبة .
{ فمن يستمع الأن } ، الآن ظرف زمان للحال ، ويستمع مستقبل ، فاتسع في الظرف واستعمل للاستقبال ، كما قال :
سأسعى الآن إذ بلغت اناها . . .
فالمعنى : فمن يقع منه استماع في الزمان الآتي ، { يجد له شهاباً رصداً } : أي يرصده فيحرقه ، هذا لمن استمع .
وأما السمع فقد انقطع ، كما قال تعالى : { إنهم عن السمع لمعزولون } والرجم كان في الجاهلية ، وذلك مذكور في أشعارهم ، ويدل عليه الحديث " حين رأى عليه الصلاة والسلام نجماً قد رمي به ، قال : «ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية » ؟ قالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم "
وانقض كالدري يتبعه *** نقع يثور بحالة طنبا
فرد علينا العير من دون إلفه *** أو الثور كالدري يتبعه الدم
والعير يرهقها الغبار وجحشها *** ينقض خلفهما انقضاض الكوكب
قال التبريزي : وهؤلاء الشعراء كلهم جاهليون ليس فيهم محضرم ، وقال معمر : قلت للزهري : أكان يرمي بالنجوم في الجاهلي ؟ قال : نعم ، قلت : أرأيت قوله : { وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع } ؟ فقال : غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الجاحظ : القول بالرمي أصح لقوله : { فوجدناها ملئت } ، وهذا إخبار عن الجن أنه زيد في حرس السماء حتى امتلأت ، ولما روى ابن عباس وذكر الحديث السابق .
وقال الزمخشري : تابعاً للجاحظ ، وفي قوله دليل على أن الحرس هو الملء والكثرة ، فلذلك { نقعد منها مقاعد } : أي كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس والشهب ، والآن ملئت المقاعد كلها . انتهى .
وهذا كله يبطل قول من قال : إن الرجم حدث بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو إحدى آياته .
والظاهر أن رصداً على معنى : ذوي شهاب راصدين بالرجم ، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب ويمنعونهم من الاستماع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.