{ لو يجدون ملجئا أو مغارات أو مدخلاً لولوا إليه وهم يجمحون } : لما ذكر فرق المنافقين من المؤمنين أخبر بما هم عليه معهم مما يوجبه الفرق وهو أنهم لو أمكنهم الهروب منهم لهربوا ، ولكنْ صحبتهم لهم صحبة اضطرار لا اختيار .
وقال الأصمعي : المكان الذي يتحصن فيه .
وقال ابن كيسان : القوم يأمنون منهم .
والمغارات جمع مغارة وهي الغار ، ويجمع على غيران بني من غار يغور إذا دخل مفعلة للمكان كقولهم : مزرعة .
وقيل : المغارة السرب تحت الأرض كنفق اليربوع .
وقرأ سعد بن عبد الرحمن بن عوف : مغارات بضم الميم ، فيكون من أغار .
قيل : وتقول العرب : غار الرجل وأغار بمعنى دخل ، فعلى هذا يكون مغارات من أغار اللازم .
ويجوز أن يكون من أغار المنقول بالهمزة من غار ، أي أماكن في الجبال يغيرون فيها أنفسهم .
وقال الزجاج : ويصح أن يكون من قولهم : جبل مغار أي مفتول .
ثم يستعار ذلك في الأمر المحكم المبرم ، فيجيء التأويل على هذا لو يجدون نصرة أو أموراً مرتبطة مشدّدة تعصمهم منكم أو مدّخلاً لولوا إليه .
وقال الزمخشري ويجوز أن يكون من أغار الثعلب إذا أسرع ، بمعنى مهارب ومغارّ انتهى .
والمدّخل قال مجاهد : المعقل يمنعهم من المؤمنين .
وقال قتادة : السرب يسيرون فيه على خفاء .
وقال الكلبي : نفقاً كنفق اليربوع .
وقال الحسن : وجهاً يدخلون فيه على خلاف الرسول .
وقيل : قبيلة يدخلون فيها تحميهم من الرسول ومن المؤمنين .
وقال الجمهور : مدّخلاً وأصله مدتخل ، مفتعل من ادّخل ، وهو بناء تأكيد ومبالغة ، ومعناه السرب والنفق في الأرض قاله : ابن عباس .
بدىء أولاً بالأعم وهو الملجأ ، إذ ينطلق على كل ما يلجأ إليه الإنسان ، ثم ثنى بالمغارات وهي الغيران في الجبال ، ثم أتى ثالثاً بالمدّخل وهو النفق باطن الأرض .
وقال الزجاج : المدّخل قوم يدخلونهم في جملتهم .
وقرأ الحسن ، وابن أبي إسحاق ، ومسلمة بن محارب ، وابن محيصن ، ويعقوب ، وابن كثير بخلاف عنه : مدخلاً بفتح الميم من دخل .
وقرأ محبوب عن الحسن : مدخلاً بضم الميم من أدخل .
وروى ذلك عن الأعمش وعيسى ابن عمر .
وقرأ قتادة ، وعيسى بن عمر ، والأعمش : مدخلاً بتشديد الدال والخاء معاً أصله متدخل ، فأدغمت التاء في الدال .
وقرأ أبي مندخلاً بالنون من اندخل .
ولا يدي في حميت السمن تندخل ***
وقال أبو حاتم : قراءة أبي متدخلاً بالتاء .
وقرأ الأشهب العقيلي : لوالوا إليه لتابعوا إليه وسارعوا .
وروي ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل ، عن أبيه ، عن جده وكانت له صحبة أنه قرأ لوالوا إليه من الموالاة ، وأنكرها سعيد بن مسلم وقال : أظنها لو ألوا بمعنى للجأوا .
وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي : وهذا مما جاء فيه فاعل وفعل بمعنى واحد ، ومثله ضاعف وضعف انتهى .
وقال الزمخشري : وقرأ أبي بن كعب متدخلاً لوالوا إليه لا لتجأوا إليه انتهى .
ولما كان العطف بأو عاد الضمير إليه مفرداً على قاعدة النحو في أو ، فاحتمل من حيث الصناعة أن يعود على الملجأ ، أو على المدخل ، فلا يحتمل على أن يعود في الظاهر على المغارات لتذكيره ، وأما بالتأويل فيجوز أن يعود عليها .
وهم يجمحون يسرعون إسراعاً لا يردهم شيء .
وقرأ أنس بن مالك والأعمش : وهم يجمزون .
قيل : يجمحون ، ويجمزون ، ويشتدون واحد .
وقال ابن عطية : يجمزون يهرولون ، ومنه قولهم في حديث الرجم : فلما إذ لقته الحجارة جمز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.