غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَوۡ يَجِدُونَ مَلۡجَـًٔا أَوۡ مَغَٰرَٰتٍ أَوۡ مُدَّخَلٗا لَّوَلَّوۡاْ إِلَيۡهِ وَهُمۡ يَجۡمَحُونَ} (57)

50

ثم أكد نفاقهم بقوله { لو يجدون ملجأً } مفراً فيتحصنون فيه آمنين على أنفسهم منكم لفروا إليه ولفارقوكم . فلا تظنوا أن موافقتهم إياكم في الدار والمسكن من صميم القلب . والمغارات مغارة وهو الموضع الذي يغور الإنسان فيه أي يستتر . والمدخل بالتشديد مفتعل من الدخول أدغمت التاء في الدال لقرب مخرجيهما . والتداخل «تفعل » من الإدخال ومعناه المسلك الذي يتحفظ بالدخول فيه . قال الكلبي وابن زيد : نفق كنفق اليربوع . والمراد أنهم لو وجدوا مكاناً على أحد هذه الوجوه مع أنها شر الأمكنة { لولوا إليه } يقال : ولي إليه بنفسه إذا انصرف وولي غيره إذا صرفه { وهم يجمحون } أي يسرعون إسراعاً لا يرد وجوهم شيء . ومنه الفرس الجموح لا يرده اللجام . والحاصل أنهم من شدة تأذيهم وتنفرهم من الرسول والمسلمين صاروا بهذه الحالة . قال بعض العلماء : إنه تعالى ذكر ثلاثة أشياء والأقرب حملها على المعاني المتغايرة ، فالملجأ الحصون ، والمغارات الكهوف في الجبال ، والمدخل السرب تحت الأرض كالآبار والله تعالى أعلم .

/خ59