أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

شرح الكلمات :

{ فلله العزة جميعاً } : أي فليطلب العزة بطاعة الله فإنها لا تنال إلا بذلك .

{ إليه يصعد الكلم الطيب } : أي إلى الله تعالى يصعد الكلم الطيب وهو سبحان الله والحمد لله والله أكبر .

{ والعمل الصالح يرفعه } : أي أداء الفرائض وفعل النوافل يرفع إلى الله الكلم الطيب .

{ يمكرون السيئات } : أي يعملونها ويكسبونها .

{ ومكر أولئك هو يبور } : أي عملهم هو الذي يفسد ويبطل .

المعنى :

وقوله تعالى { من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } فلْيَطلُبْها من الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله فإن العزة لله جميعاً فالعزيز من أعزه الله والذليل من أَذَله الله ، إنهم كانوا يطلبون العزة بالأصنام فاعلموا أن من يريد العزة فليطلبها من مالكها أما الذي لا يملك العزة فكيف يعطيها لغيره إن فاقد الشيء لا يعطيه . وقوله { إليه يصعد الكلم الطيب } أي إلى الله يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه إلى الله تعالى فإذا كان قول بدون عمل فإنه لا يرفع إلى الله تعالى ولا يثيب عليه ، وقد ندد الله تعالى بالذين يقولون ولا يعملون فقال { كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون } . وقوله { والذين يمكرون السيئات } أي يعملونها وهي الشرك والمعاصي { لهم عذاب شديد } هذا جزاؤهم ، { ومكر أولئك هو يبور } أي ومكر الذين يعملون السيئات { هو يبور } أي يفسد ويبطل .

الهداية :

من الهداية :

- مطلب العزة مطلب غال ، وهو طاعة الله ورسوله ولا يعز أحد عزاً حقيقياً بدون طاعة الله ورسوله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

قوله تعالى :{ من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } قال الفراء : معنى الآية من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعاً . وقال قتادة : من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة ، أي : فليطلب العزة من عند الله بطاعته ، كما يقال : من كان يريد المال فالمال لفلان ، أي : فليطلبه من عنده ، وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام وطلبوا بها التعزز كما قال الله واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا ، وقال : { الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً } { إليه } أي : إلى الله ، { يصعد الكلم الطيب } وهو قوله لا إله إلا الله ، وقيل : هو قول الرجل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .

أحبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، أنبأنا الحجاج بن نصر ، أنبأنا المسعودي عن عبد الله بن المخارق ، عن أبيه ، عن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم حديثاً أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله عز وجل : " ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وتبارك الله ، إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه ثم صعد بهن فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيى بها وجه رب العالمين ، ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل قوله : { إليه يصعد الكلم الطيب } ذكره ابن مسعود . وقيل : الكلم الطيب : ذكر الله . وعن قتادة : إليه يصعد الكلم الطيب أي : يقبل الله الكلم الطيب . قوله : { والعمل الصالح يرفعه } أي : يرفع العمل الصالح الكلم الطيب ، فالهاء في قوله يرفعه راجعة إلى الكلم الطيب ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعكرمة ، وأكثر المفسرين . وقال الحسن وقتادة : الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله ، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، فمن قال حسناً وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ، ومن قال حسناً وعمل صالحاً يرفعه العمل ذلك بأن الله يقول : { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } وجاء في الحديث : " لا يقبل الله قولاً إلا بعمل ولا قولاً ولا عملاً إلا بنية " . وقال قوم : الهاء في قوله يرفعه راجعة إلى العمل الصالح أي : الكلم الطيب يرفع العمل الصالح ، فلا يقبل عمل إلا أن يكون صادراً عن التوحيد ، وهذا معنى قول الكلبي ومقاتل . وقيل : الرفع من صفة الله عز وجل معناه : العمل الصالح يرفعه الله عز وجل . وقال سفيان بن عيينة : العمل الصالح هو الخالص ، يعني أن الإخلاص سبب قبول الخيرات من الأقوال والأفعال ، دليله قوله عز وجل : { فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } فجعل نقيض الصالح الشرك والرياء ، { والذين يمكرون السيئات } قال الكلبي : أي : الذين يعملون السيئات . وقال مقاتل : يعني الشرك . وقال أبو العالية : يعني الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار النبوة ، كما قال الله تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك } وقال مجاهد : وشهر بن حوشب ، هم أصحاب الرياء . { لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور } يبطل ويهلك في الآخرة .