وحين بين برهان الإيمان أشار إلى ما كان يمنع الكفار منه وهو العزة الظاهرة التي كانوا يتوهمونها من حيث إن معبوديهم كانت تحت تسخيرهم والرسول كان يدعوهم إلى الإيمان لطاعة الله وطاعة أنبيائه فكنه قال : إن كنتم تطلبون حقيقة العزة { فلله العزة } خاصة كلها فلتطلبها من عنده ومن عند أوليائه نظيره قولك " من أراد النصيحة فهي عند الأبرار " يريد فليطلبها عندهم فاعتبر في هذه الآية حرف النهاية . وأما في قوله { لله العزة ولرسوله وللمؤمنين } [ المنافقون : 8 ] فاعتبر الوسائط فالعزة للمؤمنين بواسطة الرسول وله من رب العزة . ثم إن الكفار كأنهم قالوا : نحن لا نعبد من لا نراه ولا نحضر عنده فإن البعد من الملك ذلة فقال { إليه يصعد } أي إن كنتم لا تصلون إليه فهو يسمع كلامكم ويقبل الطيب منها وذلك آية العزة ، وأما هذه الأصنام فلا يتبين عندها الذليل من العزيز إذ لا حياة لها ولا شعور وهكذا العمل الصالح لا تراه هذه الأصنام فلا يمكن لها مجازاة الأنام . وفاعل قوله { يرفعه } إن كان هو الله فظاهر ، وإن كان الكلم أعني قوله " لا إله إلا الله " فمعناه أنه لا يقبل عمل إلا من موحد وإن كان هو العمل فالمعنى : أن الكلم وهو كل كلام فيه ذكر الله أو رضاه يريد الصعود إلى الله إلا أنه لا يستطيع الصعود ولا يقع موقع القبول إلا إذا كان مقروناً بالعمل الصالح . عن النبي صلى الله عليه وسلم " الكلم الطيب هو قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن فإذا لم يكن له عمل صالح لم يقبل منه " وعن ابن المقفع : قول بلا عمل كثريد بلا دسم ، وسحاب بلا مطر ، وقوس بلا وتر . ولا تخفى أن القول هو الأصل والعمل مؤكده فلهذا قدم القول . وحين بيّن حال العمل الصالح ذكر أن المكرات السيئات بائرة كاسدة لا حقيقة لها ، ولعله أشار بها إلى مكرات قريش المذكورات في قوله { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } [ الأنفال : 30 ] جمع الله مكراتهم فقلبها عليهم حين أوقعهم في قليب بدر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.