الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

وَقَوْلهُ تَعَالَى : { مَن كَانَ يُرِيدُ العزة } يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ : مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ بِمُغَالَبَةٍ فَلِلَّهِ العِزَّةُ : أي : لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَلاَ تَتِمُّ إلاَّ بِهِ ، وَنَحَا إلَيْهِ مُجَاهِدٌ وَقَالَ : مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ .

قال ( ع ) : وَهَذَا تَمَسُّكٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } [ مريم : 81 ] .

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ : مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ وَطَرِيقَهَا القَوِيمَ وَيُحِبُّ نَيْلَهَا عَلَى وَجْهِهَا فَلِلَّهِ العِزَّةِ ، أي : بِهِ وَعَنْ أَوَامِرِه لاَ تُنَالُ عِزَّتُهُ إلاَّ بِطَاعَتِهِ ، وَنَحَا إلَيْهِ قَتَادَةُ .

وَقَوْلهُ تَعَالَى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب } أي : التوحيدُ ، والتحميدُ ، وذكر اللّه ونحوه .

وقوله تعالى : { والعمل الصالح يَرْفَعُهُ } قيل : المعنى ؛ يرفعه اللّه ، وهذا أرجحُ الأقوال ، وقال ابن عباس وغيره : إن العملَ الصالح هو الرافعُ للكَلِم ، وهذا التأويل إنما يستقيمُ بأن يتأوَّل على معنى أنه يَزِيد في رفعه وحُسْن موقعِه .

( ت ) : وعن ابن مسعودٍ ؛ قال : ( إذا حدّثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك في كتاب اللّه سبحانه ؛ إن العبد إذا قال : سبحان اللّه والحمد للَّه واللّه أكبر وتبارك اللّه قَبَضَ عليهن ملك ؛ فضمَّهن تحت جَنَاحه ؛ وصَعَدَ بهن لا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يُجَاء بهن وجهُ الرحمن سبحانه . ثم تلا عبد اللّه بن مسعود : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ ) . رواه الحاكم في «المستدرك » وقال صحيح الإسناد : انتهى من «السلاح » . و{ يَمْكُرُونَ السيئات } أي : المكرات السيئات . و{ يَبُورُ } معناه : يفسد ويبقى لا نفع فيه .