فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

{ يمكرون السيآت } يحتالون في خبث ، ويقترفون السوء بدهاء وخداع .

{ يبور } يفسد ويهلك ، أو يكسد .

{ العزة } العلو والمنعة .

{ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيآت لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور 10 }

نسب إلى قتادة : الآية في الكافرين كانوا يتعززون بالأصنام ، كما قال تعالى : )واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا( {[3814]} ، والمنافقون كانوا يتعززون بالمشركين . كما قال سبحانه : )الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبغون عندهم العزة . . ( {[3815]} . اه

وهكذا فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز . . . )وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين( {[3816]} )ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين . . ){[3817]}وطريق تحصيل العزة وسلوك السبيل إلى نيلها هو الطاعة لله ولرسوله قولا وعملا .

-ثم إن الكفار كأنهم قالوا : نحن لا نعبد من لا نراه ولا نحضر عنده ، فإن البعد من الملك ذلة فقال : { إليه يصعد } أي إن كنتم لا تصلون إليه فهو يسمع كلامكم ، ويقبل الطيب . . وذلك آية العزة ، وأما هذه الأصنام فلا يتبين عندها الذليل من العزيز ، إذ لا حياة لها ولا شعور ، وهكذا العمل الصالح لا تراه هذه الأصنام ، فلا يمكن لها مجازاة الأنام ، وفاعل قوله : { يرفعه } إن كان هو الله فظاهر ، وإن كان الكلم ، أعني قوله : لا إله إلا الله فمعناه أنه لا يقبل عمل إلا من موحد ، وإن كان هو العمل فالمعنى : أن الكلم وهو كل كلام فيه ذكر أو رضاه يريد الصعود إلى الله إلا أنه لا يستطيع الصعود ولا يقع القبول إلا إذا كان مقرونا بالعمل الصالح . . . . وحين بين حال العمل الصالح ذكر أن المكرات السيئات بائرة كاسدة لا حقيقة لها ، ولعله أشار بها إلى مكرات قريش المذكورات في قوله : )وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك . . ( {[3818]} جمع الله مكراتهم فقلبها عليهم حين أوقعهم في قليب بدر-{[3819]} .


[3814]:سورة مريم. الآية 81.
[3815]:سورة النساء. من الآية 139.
[3816]:سورة آل عمران. من الآية 139.
[3817]:سورة المنافقين. من الآية8.
[3818]:سورة الأنفال. من الآية 30.
[3819]:ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن.