صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

{ من كان يريد العزة } أي الشرف والمنعة ؛ من قولهم : أرض عزاز ، أي صلبة قوية . أي من كان يريد العزة التي لا ذلة معها فليعتز بالله تعالى{ فلله العزة جميعا } في الدنيا والآخرة ، دون ما عبدوه من الأوثان وغيرها . ومن اعتز بالله أعزه الله ، ومن اعتز بالعبيد أذله الله . وكان المشركون يتعززون بالأصنام ؛ كما قال تعالى : " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا " {[288]} والمنافقون يتعززون بالمشركين ؛ كما قال تعالى : " الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة {[289]} " . { إليه يصعد الكلم الطيب } هو كل كلام هو ذكر لله تعالى . أو هو لله سبحانه ؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة والعلم النافع . وصعوده إليه : قبوله والرضا به . أو صعود صحائفه . أي إليه تعالى لا إلى غيره يصعد الكلم الطيب ؛ أي يقبل عنده ويكون مرضيا . أو ترفع الصحف التي هو فيها فيجازى الله يوم القيامة أصحابها بالحسنى . وهو بيان لطريق تحصيل العزة وحث على سلوك سبيلها . { والعمل الصالح يرفعه } أي يرفعه الله ويقبله

من المؤمنين ؛ فالفاعل ضمير عائد إلى الله ، والضمير المنصوب عائد إلى العمل . { ومكر أولئك هو يبور } أي يبطل ويفسد فلا ينفعهم ؛ من البوار [ آية 28 إبراهيم ص 413 ] . والمشار إليهم هم صناديد قريش الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة .


[288]:آية 81 مريم.
[289]:آية 129 النساء.