التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

{ من كان يريد العزة } الآية تحتمل ثلاثة معان :

أحدها : وهو الأظهر من كان يريد نيل العزة فليطلبها من عند الله ، فإن العزة كلها لله .

الثاني : من كان يريد العزة بمغالبة الإسلام فلله العزة جميعا ، فالمغالب له مغلوب .

الثالث : من كان يريد أن يعلم لمن العزة فليعلم أن العزة لله جميعا .

{ إليه يصعد الكلم الطيب } قيل : يعني لا إله إلا الله ، واللفظ يعم ذلك وغيره من الذكر ، والدعاء ، وتلاوة القرآن ، وتعليم العلم : فالعموم أولى .

{ والعمل الصالح يرفعه } فيه ثلاثة أقوال :

أحدها : أن ضمير الفاعل في يرفعه : الله ، وضمير المفعول للعمل الصالح ، فالمعنى على هذا أن الله يرفع العمل الصالح أي : يتقبله ويثيب عليه .

الثاني : أن ضمير الفاعل للكلام الطيب ، وضمير المفعول للعمل الصالح ، والمعنى على هذا لا يقبل عمل صالح إلا ممن له كلام طيب ، وهذا يصح إن قلنا إن الكلم الطيب لا إله إلا الله ، لأنه لا يقبل العمل إلا من موحد .

الثالث : أن ضمير الفاعل للعمل الصالح ، وضمير المفعول للكلم الطيب ، والمعنى على هذا أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب فلا يقبل الكلم إلا ممن له عمل صالح ، روي : هذا المعنى عن ابن عباس واستبعده ابن عطية وقال : لم يصح عنه لأن اعتقاد أهل السنة أن الله يتقبل من كل مسلم قال وقد يستقيم بأن يتأول أن الله يزيد في رفعه وحسن موقعه .

{ يمكرون السيئات } لا يتعدى مكر فتأويله يمكرون المكرات السيئات فتكون السيئات مصدرا أو تضمن يمكرون معنى يكتسبون فتكون السيئات مفعولا والإشارة هنا إلى مكر قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة وأرادوا أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه .

{ ومكر أولئك هو يبور } البوار الهلاك أو الكساد ومعناه هنا أن مكرهم يبطل ولا ينفعهم .