لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

قوله تعالى { من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } قيل معناه من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعاً وقيل معناه من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله وهو دعاء إلى طاعة من له العزة أي فليطلب العزة من عند الله بطاعته ، وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام وطلبوا بها التعزز ، فبين الله أن لا عزة إلا لله ولرسوله ولأوليائه المؤمنين { إليه } يعني إلى الله { يصعد الكلم الطيب } قيل هو لا إله إلا الله وقيل هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر روى البغوي بإسناده عن ابن مسعود قال « إذا حدثتكم حديثاً أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله عز وجل ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله ، إلا أخذهن ملك تحت جناحه ثم يصعد بهن فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بها وجه رب العالمين ، ومصداقه من كتاب الله قوله : إليه يصعد الكلم الطيب » هذا حديث موقوف على ابن مسعود وفي إسناد الحجاج بن نصير ضعيف ، وقيل الكلم الطيب ذكر الله تعالى وقيل معنى إليه يصعد أي يقبل الكلم الطيب { والعمل الصالح يرفعه } قال ابن عباس أي يرفع العمل الصالح الكلم الطيب ، وقيل الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء الفرائض فمن ذكر الله ، ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وليس الإيمان بالتمني وليس بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال فمن قال حسناً وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ومن قال حسناً وعمل صالحاً يرفعه العمل ذلك بأن الله يقول إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وجاء في الحديث « لا يقبل الله قولاً إلا بعمل ولا عملاً إلا بنية » وقيل الهاء في يرفعه راجعة إلى العمل الصالح أي الكلم الطيب يرفع العمل الصالح فلا يقبل عملا إلا أن يكون صادراً عن توحيد وقيل معناه العمل الصالح يرفعه الله وقيل العمل الصالح هو الخالص ، وذلك أن الإخلاص سبب قبول الخيرات من الأقوال والأفعال { والذين يمكرون السيئات } أي يعملون السيئات أي الشرك وقيل يعني الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة وقيل هم أصحاب الرياء { لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور } أي يبطل ويهلك في الآخرة .