{ ترى الأرض خاشعة } : أي يابسة جامدة لا نبات فيها ولا حياة .
{ اهتزت وربت } : أي تحركت ، وانتفخت وظهر النبات فيها .
{ إن الذي أحياها لمحيي الموتى } : أي إن الذي أحيا الأرض قادر على إحياء الموتى يوم القيامة .
وقوله : ومن آياته آي علامات قدرته على إحياء الموتى للبعث والجزاء إنك أيها الإِنسان ترى الأرض أيام المحل والجدب هامدة جامدة لا حركة لها فإذا أنزل الله تعالى عليها ماء المطر اهتزت وربت أي تحركت تربتها وانتفخت وعلاها النبات وظهرت فيها الحياة كذلك إذا أراد الله إحياء الموتى أنزل عليهم ماء من السماء وذلك بين النفختين نفخة الفناء ونفخة البعث فينبتون كما ينبت البقل وقوله : إن الذي أحياها بعد موتها لمحيي الموتى إنه تعالى على فعل كل شيء أراده قدير لا يمتنع عنه ولا يعجزه ، وكيف لا ، وهو إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون .
- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر دليل من أظهر الأدلة وهو موت الأرض بالجدب ثم حياتها بالغيب ، إذ لا فرق بين حياة النبات والأشجار في الأرض بالماء وبين حياة الإنسان بالماء كذلك في الأرض بعد تهيئة الفرصة لذلك بعد نفخة الفناء ومضي أربعين عاماً عليها ينزل من السماء ماء فيحيا الناس وينبتون من عجب الذنب كما ينبت النبات ، بالبذرة الكامنة في التربة .
- تقرير قدرة الله على كل شيء أراده ، وهذه الصفة خاصة به تعالى موجبة لعبادته وطاعته . بعد الإِيمان به وتأليهه .
قوله تعالى : " ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة " الخطاب لكل عاقل أي " ومن آياته " الدالة على أنه يحيي الموتى " أنك ترى الأرض خاشعة " أي يابسة جدبة ، هذا وصف الأرض بالخشوع . قال النابغة :
رمادٌ ككُحْلِ العين لأْيًا أُبَيِّنُهُ *** ونُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أثْلَمُ خَاشِعُ{[13444]}
والأرض الخاشعة : الغبراء التي تنبت . وبلدة خاشعة : أي مغبرة لا منزل بها . ومكان خاشع . " فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت " أي بالنبات ؛ قال مجاهد . يقال : اهتز الإنسان أي تحرك . ومنه :
تراه كَنَصْلِ السيف يَهْتَزُّ للنَّدَى *** إذا لم تَجِدْ عندَ امْرِئِ السَّوْءِ مَطْمَعَا
" وربت " أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت . قاله مجاهد . أي تصعدت عن النبات بعد موتها . وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره : ربت واهتزت . والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض ، وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض ، فربوها ارتفاعها . ويقال للموضع المرتفع : ربوة ورابية ، فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولا وعرضا . وقرأ أبو جعفر وخالد " وربأت " ومعناه عظمت من الربيئة . وقيل : " اهتزت " أي استبشرت بالمطر " وربت " أي انتفخت بالنبات . والأرض إذا انشقت بالنبات : وصفت بالضحك ، فيجوز وصفها بالاستبشار أيضا . ويجوز أن يقال الربو والاهتزاز واحد ، وهي حالة خروج النبات . وقد مضى هذا المعنى في " الحج " {[13445]} " إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير " تقدم في غير موضع{[13446]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.