فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

{ ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير( 39 ) } .

ومن دلائل عظمته وفيض آلائه ، وبرهان القدرة على بعث كل مقبور ومحاسبته وجزائه ، أن كل ذي عينين يرى الأرض مقفرة يابسة-كالخاضعة الذليلة- فإذا نشر الله عليها رحمته وأغاثها بالماء الذي يُمطرُ الخلق به تحركت الأرض الهامدة الغبراء الدارسة وعظمت وارتفعت ، إن الذي حرّك الهامد ، وفلق الحب والنوى ، وأخرج منهما خضرا ، يخرج منه الحب المتراكم ، ومن النخل القنوان الدانية ، ومن الحدائق البهيجة الأعناب والزيتون والرمان ، لقادر على إعادة الحياة إلى الأموات ؛ إنه عز شأنه- لا يقف أمام قدرته شيء .

[ ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية ، شبه حال جدوبة الأرض وخلوها عن النبات ثم إحياء الله تعالى إياها بالمطر وانقلابها من الجدوبة إلى الخصوبة وإنبات كل زوج بهيج بحال شخص كئيب كاسف البال رث الهيئة لا يؤبه به ، ثم إذا أصابه شيء من متاع الدنيا وزينتها تكلف بأنواع الزينة والزخارف فيختال في مشيته زهوا ، ويهتز بالأعطاف خيلاء وكبرا ، فحذف المشبه واستعمل الخشوع والاهتزاز دلالة على مكانه . . ]{[4175]}


[4175]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي.