التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

{ الوسواس } هو مشتق من الوسوسة ، وهي الكلام الخفي ، فيحتمل أن يكون الوسواس بمعنى الموسوس ، فكأنه اسم فاعل ، وهذا يظهر من قول ابن عطية : والوسواس من أسماء الشيطان ، ويحتمل أن يكون مصدرا وصف به الموسوس على وجه المبالغة ، كعدل وصوم ، أو على حذف مضاف تقديره ذي الوسواس . وقال الزمخشري : إنما المصدر وسواس بالكفر .

{ الخناس } معناه : الراجع على عقبه ، المستمر أحيانا ، وذلك متمكن في الشيطان ، فإنه يوسوس ، فإذا ذكر العبد الله وتعوذ به منه تباعد عنه ، ثم رجع إليه عند الغفلة عن الذكر ؛ وهو يخنس في تباعده ، ثم في رجوعه بعد ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ} (4)

قوله : { من شر الوسواس الخناس } يعني من شر الشيطان ذي الوسواس ، من الوسوسة ، وهي حديث النفس . وذلك هو دأب الشيطان الرجيم مع ابن آدم ، فإنه ينفث في قلبه في كل الأحوال من الحزن أو السرور ، ليثير في نفسه الأوهام والظنون والأضاليل من التصورات ، ثم يدعوهم إلى التلبس بالباطل ، حتى إذا ذكر الله خنس . أي تأخر ، وأخنسه غيره أي خلّفه ومضى . وسمي الشيطان خناسا ؛ لأنه يخنس إذا ذكر الله {[4886]} ، وفي الخبر : " إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا غفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس " ، أي تأخر وأقصر .


[4886]:مختار الصحاح ص 191.