التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)

{ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } في تأويل الآية وجهان :

أحدهما : الذي خلقكم فكان يجب على كل واحد منكم الإيمان به لكن منكم من كفر ومنكم من آمن فالكفر والإيمان على هذا هو من اكتساب العبد .

والآخر : أن المعنى هو الذي خلقكم على صنفين فمنكم من خلقه مؤمنا ومنكم من خلقه كافرا فالإيمان والكفر على هذا هو ما قضى الله على كل واحد ، والأول أظهر ، لأنه عطفه على خلقكم بالفاء يقتضي أن الكفر والإيمان واقعان بعد الخلقة لا في أصل الخلقة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)

قوله : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } الله ذو علم في الأزل بكل ما يجري وكل ما هو آت . فما من شيء واقع في هذا الكون إلا يحيط به علم الله في الأزل ، حتى إيمان المؤمن وكفر الكافر واقع بعلم الله . قال القرطبي في تأويل ذلك : والذي عليه الأئمة والجمهور من الأمة : إن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الكفر . وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الإيمان . والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ، لأن الله تعالى قدّر ذلك عليه وعلمه منه . ولا يجوز أن يوجد من كل واحد منهما غير الذي قدّر عليه وعلمه منه ، لأن وجود خلاف المقدور عجز ، ووجود المعلوم جهل ، ولا يليقان بالله تعالى ، وفي هذا سلامة من الجبر والقدر .

قوله : { والله بما تعملون بصير } الله عليم بأعمالكم لا يخفى عليه منها شيء .