بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)

{ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ } يعني : يخلقكم من نفس واحدة ، { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } يعني : منكم من يصير كافراً ، ومنكم من يصير أهلاً للإيمان ويؤمن بتوفيق الله تعالى . ويقال : منكم من خلقه كافراً ، ومنكم من خلقه مؤمناً ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ألا إنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى » . وإلى هذا ذهب أهل الجبر . ويقال : { فَمِنكُمْ كَافِرٌ } يعني : كافر بأن الله تعالى خلقه ، وهو كقوله : { قُتِلَ الإنسان مَآ أَكْفَرَه مِنْ أَىِّ شيء خَلَقَهُ } [ عبس : 17/18 ] وكقوله : { قَالَ لَهُ صاحبه وَهُوَ يحاوره أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } [ الكهف : 37 ] ، ويقال : { فَمِنكُمْ كَافِرٌ } يعني : كافراً في السر وهم المنافقون { وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } وهم المخلصون . ويقال : هذا الخطاب لجميع الخلق ، ومعناه : هو الذي خلقكم ، فمنكم كافر بالله وهم المشركون ، ومنكم مؤمن وهم المؤمنون ، يعني : استويتم في خلق الله إياكم ، واختلفتم في أحوالكم ، فمنكم من آمن بالله ، ومنكم من كفر . ثم قال : { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يعني : عليماً بما تعملون من الخير والشر .