فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)

{ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } أي فبعضكم كافر وبعضكم مؤمن . قال الضحاك : فمنكم كافر في السرّ مؤمن في العلانية كالمنافق ، ومنكم مؤمن في السرّ كافر في العلانية كعمار بن ياسر ونحوه ممن أكره على الكفر . وقال عطاء : فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب ، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب . قال الزجاج : إن الله خلق الكافر وكفره فعل له وكسب مع أن الله خالق الكفر ، وخلق المؤمن وإيمانه فعل له وكسب مع أن الله خالق الإيمان ، والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ، لأن الله تعالى قدّر ذلك عليه وعلمه منه لأن وجود خلاف المقدّر عجز ، ووجود خلاف المعلوم جهل . قال القرطبي : وهذا أحسن الأقوال وهو الذي عليه جمهور الأمة ، وقدّم الكافر على المؤمن لأنه الأغلب عند نزول القرآن { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه من ذلك خافية ، فهو مجازيكم بأعمالكم .

/خ6