{ هو الذي خلقكم } أي قدر خلقكم في الأزل ، وكذا قوله : { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } أي مقضي بكفره وإيمانه أزلا ، وقيل : إنه خلق الخلق ، ثم كفروا وآمنوا ، والتقدير هو الذي خلقكم ثم وصفكم فقال : { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } كقوله : { والله خلق كل دابة من ماء ، فمنهم من يمشي على بطنه } الآية ، قالوا : فإنه خلقهم والمشي فعلهم وهذا اختيار الحسين بن الفضيل قال : لو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفهم بفعلهم في قوله { فمنكم كافر } الخ واحتجوا :
" بقوله صلى الله عليه وسلم : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " ، ذكره الخطيب ، قال الضحاك : فمنكم كافر في السر مؤمن في العلانية كالمنافق ، ومنكم مؤمن في السر وكافر في العلانية ، كعمار ابن ياسر ونحوه مما أكره على الكفر .
وقال عطاء : فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب ومنكم مؤمن بالله ، كافر الكواكب . قال الزجاج : إن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الكفر ، وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الإيمان ، والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ، لأن الله تعالى قدر ذلك عليه وعلمه منه ، لأن وجود خلاف المقدر عجز ، ووجود خلاف المعلوم جهل ، هذا طريق أهل السنة ، فمن سلك هذا أصاب الحق وسلم من مذهب الجبرية والقدرية ، قال القرطبي : وهذا أحسن الأقوال ، وهو الذي عليه جمهور الأمة وقدم الكافر على المؤمن لأنه الأغلب عند نزول القرآن ، وفيه رد لقول من يقول بالمنزلة بين المنزلتين .
{ والله بما تعملون بصير } لا تخفى عليه من ذلك خافية ، فهو مجازيكم بأعمالكم .
" عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العبد يولد مؤمنا ، ويعيش مؤمنا ، ويموت مؤمنا ، والعبد يولد كافرا ، ويعيش كافرا ، ويموت كافرا ، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالسعادة ، ثم يدركه ما كتب له ، فيموت شقيا وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاء ، ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيدا " ، أخرجه ابن مردويه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.