ثم بين - سبحانه - أقسام خلقه فى هذه الحياة فقال : { هُوَ الذي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } .
والخطاب فى قوله : { خَلَقَكُمْ } لجيمع المكلفين من هذه الأمة .
والفاء فى قوله : { فَمِنكُمْ كَافِرٌ } للتفريع المشعر بالتعجب من وجود من هو كافر بالله - تعالى - مع أنه - سبحانه - هو الذى خلقه ، وخلق كل شىء .
وقدم ذكر الكافر ، لأنه الأهم فى هذا المقام ، ولأنه الأكثر عددا فى هذه الحياة .
أي هو سبحانه - الذى خلقكم بقدرته ، دون أن يشاركه فى ذلك مشارك ، وزودكم بالعقول التى تعينكم على معرفة الخير من الشر ، والنافع من الضار وأرسل إليكم رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - لكى يخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، وأنزل معه الكتاب الذى يدلكم على أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه صادق فيما يبلغه عن ربه ، وأمركم هذا الرسول الكريم بإخلاص العبادة لله - تعالى - وحده ، ولم يترك رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وسيلة تهديكم إلى الحق إلا وأرشدكم إليها . . .
ومع ذلك وجد منكم المختار للكفر بالحق ، المعرض عن الإيمان بوحدانية الله - تعالى - وكان منكم المستجيب للحق باختياره المخلص فى عقيدته لله - تعالى - المؤمن بوحدانيته ، المؤدى لجميع التكاليف التى كلفه - سبحانه - بها .
قال القرطبى - بعد أن ذكر جملة من الأقوال فى معنى هذه الآية - : وقال الزجاج - وقوله أحسن الأقوال ، والذى عليه الأئمة والجمهور من الأمة - : إن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الكفر . وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الإيمان .
والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ، لأن الله - تعالى - قدر ذلك عليه وعلمه منه ، ولا يجوز أن يوجد من كل واحد منهما ، غير الذى قدر عليه ، وعلمه منه .
وقوله : { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أى : والله - تعالى - لا تخفى عليه خافية من أعمالكم ، وسيحاسبكم عليها يوم القيامة ، وسيجازى الذين أساءوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.