صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (2)

{ هو الذي خلقكم } بيان لبعض آثار قدرته تعالى العامة . أي أوجدكم وأنشأكم كما أراد .

{ فمنكم كافر ومنكم مؤمن } أي فبعض منكم كافر به ، وبعض منكم مؤمن به ؛ فالفاء لتفصيل الإجمال في " خلقكم " كالفاء في قوله تعالى " والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه {[358]} " الآية . أو هو الذي خلقكم خلقا بديعا ، حاويا للكمالات العلمية والعملية ؛ ومع ذلك فمنكم محتار للكفر ، كاسب له على خلاف ما تقتضيه الفطرة . ومنكم محتار للإيمان ، كاسب له حسبما تقتضيه الفطرة وكان الواجب عليكم جميعا أن تكونوا مختارين للإيمان ، شاكرين له نعمة الخلق و الإيجاد ، وما يتفرع عليهما من سائر النعم ؛ فلم تفعلوا ذلك مع تمام تمكنكم منه ؛ بل تفرقتم شيعا ! فالفاء للترتيب لا للتفصيل ؛ كالفاء في قوله : " وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون " {[359]}


[358]:آية 45 النور.
[359]:آية 26 الحديد.