{ فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي } معنى هذا يختلف على حسب الاختلاف في القصة ، فأما الذين قالوا إن سليمان عقر الخيل لما اشتغل بها حتى فاتته الصلاة فاختلفوا في هذا على ثلاثة أقوال :
أحدها : أن الخير هنا يراد به الخيل ، وزعموا أن الخيل يقال لها خير ، وأحببت بمعنى آثرت أو بمعنى فعل يتعدى بعن كأنه قال : آثرت حب الخيل فشغلني عن ذكر ربي . والآخر : أن الخير هنا يراد به المال لأن الخيل وغيرها مال فهو كقوله تعالى : { إن ترك خيرا } [ البقرة : 180 ] أي : مالا .
والثالث : أن المفعول محذوف ، وحب الخير مصدر والتقدير أحببت هذه الخيل مثل حب الخير فشغلني عن ذكر ربي وأما الذين قالوا : كان يصلي فعرضت عليه الخيل فأشار بإزالتها فالمعنى أنه قال : { إني أحببت حب الخير } الذي عند الله في الآخرة بسبب ذكر ربي ، وشغلني ذلك عن النظر إلى الخيل .
{ حتى توارت بالحجاب } الضمير للشمس وإن لم يتقدم ذكرها ، ولكنها تفهم من سياق الكلام وذكر العشي يقتضيها ، والمعنى حتى غابت الشمس ، وقيل : إن الضمير للخيل ، ومعنى توارت بالحجاب دخلت اصطبلاتها والأول أشهر وأظهر .
ولما كان بيان ضخامة ملكه وكثرة هيبته وعزته مع زيادة أوبته لتحصل التأسية به في حسن ائتماره وانتهائه والتسلية بابتلائه مع ذلك من شرفه وبهائه ، أشار إلى كثرة الخيل جداً وزيادة محبته لها وسرعة أوبته بقوله : { فقال } ولما كان اللائق بحاله والمعروف من فعاله أنه لا يؤثر على ذكر الله شيئاً فلا يكاد أحد ممن شاهد ذلك يظن به ذلك بل يوجهون له في ذلك وجوهاً ويحملونه على محامل تليق بما يعرفونه من حال من الإقبال على الله والغنا عما سواه ، أكد قوله تواضعاً لله تعالى ليعتقدوا أنه بشر يجوز عليه ما يجوز عليهم لولا عصمة الله : { إني } ولما كان الحب أمراً باطناً لا يظهر في شيء إلا بكثرة الاشتغال به ، وكان الاشتغال قد يكون لغير الحب فهو غير دال عليه إلا بقرائن قال اعترافاً : { أحببت } أي أوجدت وأظهرت بما ظهر مني من الاشتغال بالخيل مقروناً ذلك بأدلة الود { حب الخير } وهو المال بل خلاصة المال وسبب كل خير دنيوي وأخروي
" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " أظهرت ذلك بغاية الرغبة غافلاً { عن ذكر ربي } المحسن إليّ بهذه الخيل التي شغلتني وغيرها ، فلم أذكره بالصلاة التي كانت وظيفة الوقت وإن كان غرضي لها لكونه في طاعته ذكراً له . ولم يزل ذلك بي { حتى توارت } أي الشمس المفهومة من " العشي " { بالحجاب * } وهي الأرض التي حالت بيننا وبينها فصارت وراءها حقيقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.