قوله تعالى ذكره : { فقال إني أحببت حب الخير } – إلى قوله – { لزلفى وحسن مئاب }[ 31-40 ] .
قال ابن عباس : كان مما ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس لا يعلم في الأرض مثلها . وكانت أحب إليه من كل ما ورث ، وكان معجبا بها ، فجلس مجلسه وقال : اعرضوا علي خيلي ، فعرضت عليه بعد الظهر إلى غيبوبة الشمس وأغفل صلاة العصر : فقال : ما صليت العصر ! ردوها{[58265]} علي فطفق يعرقبها{[58266]} ويضرب رقابها وكان الذي عرض عليه تسع مائة ، وبقيت لم تعرض عليه . فقال : هذه المائة التي لم تلهني عن صلاتي أحب إلي من التسع مائة{[58267]} .
في الآية حذف دل{[58268]} عليه الكلام ، والتقدير : إنه أواب إذ عُرض / عليه بالعشي الصافنات الجياد ، فلهى عن الصلاة حتى فاتته فغابت الشمس ولم يصل ، وهو قوله { حتى توارت بالحجاب } .
{ فقال إني أحببت حب الخير } أي : الخيل . والعرب سمي الخيل : الخير ، والمال أيضا يسمونه الخير{[58269]} .
وفي الحديث : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " {[58270]} ولما ورد زيد الخيل على النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " أنت زيد الخير{[58271]} وهو زيد بن مهلهل الشاعر{[58272]} .
وقيل : المعنى ، إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي ، وذلك أنه كان في صلاة فجيء إليه بخيل لتعرض عليه قد غُنمت ، فأشار بيده أنه يصلي .
{ حتى توارت بالحجاب } أي : توارت الخيل ، فسترها جدر{[58273]} الإصطبلات ، فلما فرغ من صلاته قال : { ردوها علي فطفق مسحا بالسوق }{[58274]} أي : يمسحها مسحا . فالضمير في ( تورات ) على هذا القول للخيل .
وأكثرالناس على أنه للشمس وإن ( لم يجر ){[58275]} لها ذكر ، ولكن لما قال بالعشي دل على أن بعده غياب الشمس{[58276]} .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه التي{[58277]} فاتته هي صلاة العصر وهو قول قتادة والسدي{[58278]} .
وقيل : المعنى : إني آثرت حب الخير عن ذكر ربي ، أي : على ذكر ربي ، ومنه قوله : { فاستحبوا العمى على الهدى }{[58279]} ، أي : آثروا الضبة على الهدى .
وقيل : معنى أحببت : قعدت وتأخرت .
يقال أحب الجمل وأحببت الناقة ، إذا بركت وتأخرت .
فالمعنى : إني قعدت عن ذكر ربي لحب الخير { حتى توارت بالحجاب } .
إني قعدت عن صلاة العصر حتى غابت الشمس .
فيكون حب الخير مفعولا به على قول{[58280]} من جعل أحببت بمعنى آثرت . ويكون مفعولا من أجله على قول من جعل أحببت بمعنى تأخرت وقعدت . ولا يحسن أن ينصب{[58281]} على المصدر لأن المعنى على غير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.