النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَقَالَ إِنِّيٓ أَحۡبَبۡتُ حُبَّ ٱلۡخَيۡرِ عَن ذِكۡرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتۡ بِٱلۡحِجَابِ} (32)

قوله عز وجل : { فَقَالَ إِني أحببت حُبَّ الخَيْرِ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : يعني حب المال ، قاله ابن جبير والضحاك .

الثاني : حب الخيل قاله قتادة والسدي . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة " . وفي قراءة ابن مسعود : حب الخيل .

الثالث : حب الدنيا ، قاله أسباط .

وفي { أحببت حب الخير } وجهان :

أحدهما : أن فيه تقديماً وتأخيراً تقديره : أحببت الخير حباً فقدم ، فقال : أحببت حب الخير ثم أضاف فقال أحببت حب الخير ، قاله بعض النحويين .

الثاني : أن الكلام على الولاء في نظمه من غير تقديم ولا تأخير ، وتأويله : آثرت حب الخير .

{ عَن ذِكر ربي } فيه وجهان :

أحدهما : عن صلاة العصر ، قاله علي رضي الله عنه .

الثاني : عن ذكر الله تعالى ، قاله ابن عباس .

وروى الحارث عن علي كرم الله وجهه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة الوسطى فقال : " هي صلاة العصر التي فرط فيها نبي الله سليمان عليه السلام " .

{ حتى توارت بالحجاب } فيه قولان :

أحدهما : حتى توارت الشمس بالحجاب ، والحجاب جبل أخضر محيط بالخلائق ، قاله قتادة وكعب .

الثاني : توارت الخيل بالحجاب أي شغلت بذكر ربها إلى تلك الحال ، حكاه ابن عيسى .

والحجاب الليل يسمى حجاباً لأنه يستر ما فيه .