التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِينَ رَجُلٗا لِّمِيقَٰتِنَاۖ فَلَمَّآ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِيَّـٰيَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ إِنۡ هِيَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَآءُۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡغَٰفِرِينَ} (155)

{ واختار موسى قومه } أي : من قومه .

{ سبعين رجلا } حملهم معه إلى الطور يسمعون كلام الله لموسى فقالوا : أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة عقابا لهم على قولهم ، وقيل : إنما أخذتهم الرجفة لعبادتهم العجل أو لسكوتهم على عبادته ، والأول أرجح لقوله : { فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم } [ النساء : 153 ] ، ويحتمل أن تكون رجفة موت أو إغماء ، والأول أظهر لقوله : { ثم بعثناكم من بعد موتكم } [ البقرة : 56 ] .

{ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي } يحتمل أن تكون { لو } هنا للتمني أي : تمنوا أن يكون هو وهم قد ماتوا قبل ذلك ، لأنه خاف من تشغيب بني إسرائيل عليه إن رجع إليهم دون هؤلاء السبعين ، ويحتمل أن يكون قال ذلك على وجه التضرع والاستسلام لأمر الله كأنه قال : لو شئت أن تهلكنا قبل ذلك لفعلت فإنا عبيدك وتحت قهرك ، وأنت تفعل ما تشاء ، ويحتمل أن يكون قالها على وجه التضرع والرغبة كأنه قال : لو شئت أن تهلكنا قبل اليوم لفعلت ، ولكنك عافيتنا وأبقيتنا فافعل معنا الآن ما وعدتنا وأحي القوم الذين أخذتهم الرجفة .

{ أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } أي : أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء الذين طلبوا الرؤية والذين عبدوا العجل ، فمعنى هذا : إدلاء بحجته ، وتبرؤ من فعل السفهاء ، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة .

{ إن هي إلا فتنتك } أي : الأمور كلها بيدك .

{ تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء } ومعنى هذا اعتذار عن فعل السفهاء ، فإنه كان بقضاء الله ومشيئته .