وقوله : { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً }
وجاء التفسير : اختار منهم سبعين رجلا . وإنما استجيز وقوع الفعل عليهم إذ طرحت ( مِن ) لأنه مأخوذ من قولك : هؤلاء خير القوم ، وخير من القوم . فلما جازت الإضافة مكان ( مِن ) ولم يتغير المعنى استجازوا أن يقولوا : اخترتكم رجلا ، واخترت منكم رجلا .
فقلت له اخترها قَلُوصا سمِينة *** وناباً علينا مثل نابك في الحَيَا
فقام إليها حَبْتَر بِسلاحِهِ *** فللّه عينا حَبْتَرٍ أَيَّما فتى
*** تحت الذي اختار له الله الشجو ***
وقوله : { أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاء مِنا } وذلك أن الله تبارك وتعالى أرسل على الذين معه - وهم سبعون - الرجفة ، فاحترقوا ، فظنّ موسى أنهم أهلكوا باتخاذ أصحابهم العجل ، فقال : أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، وإنما أهلكوا بمسألتهم موسى ( أرنا الله جهرة ) .
وقوله { ثم اتخذوا العِجل } ليس بمردود على قوله { فأخذتهم الصاعقة } ثم اتخذوا ؛ هذا مردود على فعلهم الأوّل . وفيه وجه آخر : أن تجعل ( ثم ) خبرا مستأنفا . وقد تستأنِف العرب بثم والفعلُ الذي بعدها قد مضى قبل الفعل الأوّل ؛ من ذلك أن تقول للرجل : قد أعطيتك ألفا ثم أعطيتك قبل ذلك مالا ؛ فتكون ( ثم ) عطفا على خبر المخبر ؛ كأنه قال : أخبرك أنى زرتك اليوم ، ثم أخبِرك أنى زرتك أمس .
وأما قول الله عزَّ وجلّ { خلقكم مِن نفسٍ واحِدةٍ ثم جعل مِنها زوجها } فإن فيه هذا الوجه ؛ لئلا يقول القائل : كيف قال : خلقكم ثم جعل منها زوجها والزوج مخلوق قبل الولد ؟ فهذا الوجه المفسّر يدخل فيه هذا المعنى . وإن شئت جعلت ( ثم ) مردودة على الواحدة ؛ أراد - والله أعلم - خلقكم من نفس وَحْدها ثم جعل منها زوجها ، فيكون ( ثم ) بعد خلقه آدم وحده . فهذا ما في ثم . وخِلْقةُ ثُمَّ أن يكون آخِر . وكذلك الفاء . فأما الواو فإنك إن شئت جعلت الآخِر هو الأوّل والأوّل الآخر . فإذا قلت : زرت عبد الله وزيدا ، فأيَّهما شئت كان هو المبتدأ بالزيارة ، وإذا قلت : زرت عبد الله ثم زيدا ، أو زرت عبد الله فزيدا كان الأوّل قبل الآخِر ، إلا أن تريد بالآخر أن يكون مردودا على خبر المخبر فتجعله أوّلا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.