وقوله : { وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ } أي : فرق عظيم بين هذه وهذه ، { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي : من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه ، كما قال عمر [ رضي الله عنه ] {[25732]} ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه .
وقوله : { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } وهو الصديق ، أي : إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك ، والحنو عليك ، حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي : قريب إليك من{[25733]} الشفقة عليك والإحسان إليك .
ثم وعظ تعالى نبيه عليه السلام ونبهه على أحسن مخاطبة ، فقرر أن الحسنة والسيئة لا تستوي ، أي فالحسنة أفضل ، وكرر في قوله : { ولا السيئة } تأكيداً ليدل على أن المراد : ولا تستوي الحسنة والسيئة ولا السيئة والحسنة ، فحذف اختصاراً ودلت { لا } على هذا الحذف .
وقوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن } آية جمعت مكارم الأخلاق وأنواع الحلم ، والمعنى : ادفع أمورك وما يعرضك مع الناس ومخالطتك لهم بالفعلة أو بالسيرة التي هي أحسن السير والفعلات ، فمن ذلك بذل السلام ، وحسن الأدب ، وكظم الغيظ ، والسماحة في القضاء والاقتضاء وغير ذلك . قال ابن عباس : إذا فعل المؤمن هذه الفضائل عصمه الله من الشيطان وخضع له عدوه ، وفسر مجاهد وعطاء هذه الآية بالسلام عند اللقاء ، ولا شك أن السلام هو مبدأ الدفع بالتي هي أحسن وهو جزء منه ، ثم قال تعالى : { كأنه ولي حميم } فدخل كاف التشبيه لأن الذي عنده عداوة لا يعود ولياً حميماً ، وإنما يحسن ظاهره فيشبه بذلك الولي الحميم .
والحميم : هو القريب الذي يحتّم للإنسان{[10078]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.