الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

قوله : { وَلاَ السَّيِّئَةُ } : في " لا " هذه وجهان ، أحدهما ، أنها زائدةٌ للتوكيدِ ، كقوله : { وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ } [ فاطر : 21 ] وكقوله : { وَلاَ الْمُسِيءُ }

[ غافر : 58 ] ؛ لأنَّ " استوى " لا يكتفي بواحدٍ . والثاني : أنها مؤسِّسَةٌ غيرُ مؤكِّدةٍ ، إذ المرادُ بالحسنةِ والسَّيئةِ الجنسُ أي : لا تَسْتوي الحسناتُ في أنفسِها ، فإنها متفاوتةٌ ولا تستوي السيئاتُ أيضاً فرُبَّ واحدةٍ أعظمُ مِنْ أخرى ، وهو مأخوذٌ من كلامِ الزمخشري . وقال الشيخُ : " فإنْ أَخَذْتَ الحسنةَ والسيئةَ جنساً لم تكنْ زيادتُها كزيادتِها في الوجهِ الذي قبلَ هذا " . قلت : فقد جَعَلها في المعنى الثاني زائدةً . وفيه نظرٌ لِما تَقَدَّم .

قوله : " كأنَّه وليٌّ " في هذه الجملةِ التشبيهيةِ وجهان ، أحدُهما : أنَّها في محلِّ نصبٍ على الحال ، والموصولُ مبتدأٌ ، و " إذا " التي للمفاجأةِ خبرُه . والعاملُ في هذا الظرفِ من الاستقرارِ هو العاملُ في هذه الحالِ ، ومَحَطُّ الفائدةِ في هذا الكلامِ هي الحالُ ، والتقدير : فبالحضرة المُعادي مُشْبِهاً القريبَ الشَّفوقَ . والثاني : أن الموصولَ مبتدأٌ أيضاً ، والجملةُ بعده خبرُه ، و " إذا " معمولةٌ لمعنى التشبيه ، والظرفُ يتقدَّمُ على عامِله المعنويِّ . هذا إن قيل : إنها ظرفٌ ، وإن قيل : إنها حرف فلا عاملَ .