فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا سريج{[13290]} حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ؛ أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد{[13291]} فاشهدوا له بالإيمان ؛
قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }
ورواه الترمذي ، وابن مردويه ، والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب ، به{[13292]}
وقال{[13293]} عبد بن حميد في مسنده : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا صالح المري ، عن ثابت البناني ، عن ميمون بن سياه ، وجعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما عمار المساجد هم أهل الله " {[13294]} ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عبد الواحد بن غياث ، عن صالح بن بشير المري ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما{[13295]} عمار المساجد هم أهل الله " ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح{[13296]}
وقد روى الدارقطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار ، عن أبيها ، عن أخيه مالك بن دينار ، عن أنس مرفوعا : " إذا أراد الله بقوم عاهة ، نظر إلى أهل المساجد ، فصرف عنهم " . ثم قال : غريب{[13297]}
وروى الحافظ البهاء في المستقصى ، عن أبيه بسنده إلى أبي أمية الطرسوسي : حدثنا منصور بن صقير ، حدثنا صالح المرى ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا : " يقول الله : وعزتي وجلالي ، إني لأهم بأهل الأرض عذابا ، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في ، وإلى المستغفرين بالأسحار ، صرفت ذلك عنهم " . ثم قال ابن عساكر : حديث غريب{[13298]}
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، حدثنا العلاء بن زياد ، عن معاذ بن جبل ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان ذئب الإنسان ، كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية ، فإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد " {[13299]}
وقال عبد الرازق ، عن مَعْمَر ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي قال : أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : إن المساجد بيوت الله في الأرض ، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها{[13300]}
وقال المسعودي ، عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي ، فلا صلاة له ، وقد عصى الله ورسوله ، قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } الآية رواه ابن مردويه .
وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا موضع بسطها .
وقوله : { وَأَقَامَ الصَّلاةَ } أي : التي هي أكبر عبادات البدن ، { وَآتَى الزَّكَاةَ } أي : التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق ، { وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ } أي : ولم يخف إلا من الله تعالى ، ولم يخش سواه ، { فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } يقول : من وحد الله ، وآمن باليوم الآخر يقول : من آمن بما أنزل الله ، { وَأَقَامَ الصَّلاةَ } يعني : الصلوات الخمس ، { وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ } يقول : لم يعبد إلا الله - ثم قال : { فَعَسَى أُولَئِكَ [ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ] } {[13301]} يقول : إن أولئك هم المفلحون ، كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [ الإسراء : 79 ] يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة ، وكل " عسى " في القرآن فهي واجبة .
وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله : و " عسى " من الله حق .
المعنى في هذه الآية { إنما يعمر مساجد الله } بالحق لهم والواجب ، ولفظ هذه الآية الخبر وفي ضمنها أمر المؤمنين بعمارة المساجد ، وقد قال بعض السلف إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فحسنوا به الظن ، وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا عليه بالإيمان »{[5559]} وقد تم تقدم القول في قراءة مسجد ، وقوله { واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة } يتضمن الإيمان بالرسول إذ لا يتلقى ذلك إلا منه ، وقوله { ولم يخش إلا الله } حذفت الألف من «يخشى » للجزم ، قال سيبويه : واعلم أن الأخير إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم لئلا يكون الجزم بمنزلة الرفع ، ويريد خشية التعظيم والعبادة والطاعة ، وهذه المرتبة العدل بين الناس ، ولا محالة أن الإنسان يخشى غيره ويخشى المحاذير الدنياوية وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه ، و «عسى » من الله واجبة حيثما وقعت في القرآن ، ولم يرج الله بالاهتداء إلا من حصل في هذه المرتبة العظيمة من العدالة ، ففي هذا حض بليغ على التقوى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.