الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَـٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ} (18)

ومن قرأ : { مساجد الله } بالتوحيد{[28354]} ، عنى به{[28355]} : المسجد الحرام ، ودليله{[28356]} قوله : { فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا }[ 28 ] ، وقوله : { وعمارة المسجد الحرام }[ 19 ]{[28357]} .

ومن جمع{[28358]} ، أراد : جميع المساجد ، ودليله قوله : { إنما يعمر مساجد الله }[ 18 ] فجمع{[28359]} ولم يُختلف فيه{[28360]} .

والجمع : يستوعب المسجد الحرام وغيره ، والتوحيد : يخص المسجد الحرام وحده ، ولا يجوز لمن وحّد أن يريد به الجنس ؛ لأنه مضاف{[28361]} ، والمضاف موقت{[28362]} محدود .

ثم قال : { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله }[ 18 ] .

أي : إنما يعمرها من صدق بالله ورسوله{[28363]} ، وما أتت به الرسل ، فحقيق{[28364]} أن يكون من هذه صفته{[28365]} من المهتدين{[28366]} .

وكل " عسى " في القرآن من الله فهي واجبة{[28367]} .

ونزلت هذه الآية في قريش ؛ لأنهم كانوا{[28368]} يفتخرون ، فيقولون : نحن أهل الحرم وسقاة{[28369]} الحاج ، وعمّار هذا البيت ، فأنزل الله عز وجل ، صفة من يجب أن يعمر مساجد الله ، سبحانه{[28370]} .


[28354]:وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، كما في الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/500، وكتاب السبعة في القراءات 313، وإعراب القراءات السبع 1/236، والتيسير 96، وينظر تفسير القرطبي 8/57.
[28355]:في الأصل: عني، بياء مثناة من تحت، وهو تصحيف.
[28356]:في الأصل: ودليل، وهو سهو ناسخ.
[28357]:الكشف 1/500، وإعراب القراءات السبع 1/236.
[28358]:وهي قراءة عاصم، ونافع، وابن عامر، وحمزة والكسائي، المصادر نفسها السالفة في توثيق قراءة التوحيد.
[28359]:قال في الكشف 1/500، "وهو الاختيار".
[28360]:إعراب القراءات السبع 1/236، بلفظ: "...فاتفق القراء على جمعه؛ لأنهم أرادوا كل مسجد، لأنه كلام مستأنف. وفي جامع البيان 14/166، 167،: "....لأنه إذا قرئ كذلك، احتمل معنى الواحد والجماع؛ لأن العرب قد تذهب إلى الجماع، وبالجماع إلى الواحد، كقولهم: عليه ثوب أخلاق"، انظر: معاني القرآن للفراء 1/426، 427.
[28361]:وتعقبه ابن عطية في المحرر الوجيز 3/15.
[28362]:في الأصل رسمت: موقة. وفي "ر": مونة مخدوقة، وهو تحريف لا معنى له.
[28363]:في الأصل: ورسله.
[28364]:في الأصل: فخفوا، ولا معنى له.
[28365]:في الأصل: صفة، وهو تحريف.
[28366]:هاهنا إيجاز يوضح بما في جامع البيان 14/167، 168.
[28367]:وهو قول ابن عباس، كما في جامع البيان 14/168، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1766، وتفسير القرطبي 8/58، وزاد: وغيره، والدر المنثور 4/140.
[28368]:نوا، ساقط في الأصل.
[28369]:في الأصل: وسقوه، وهو تحريف.
[28370]:أسباب النزول للوادي 246، وزاد المسير 3/407، 408، وعزاه إلى مقاتل في جماعة.