{ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } قرأ الجحدري ، وحماد بن أبي سلمة عن ابن كثير : مسجداً لله بالتوحيد .
وقرأ السبعة وجماعة : بالجمع ، والمعنى إنما يعمرها بالحق والواجب ، ويستقيم ذلك فيمن اتصف بهذه الأوصاف .
وفي ضمن هذا الخبر أمر المؤمنين بعمارة المساجد ، ويتناول عمارتها رمّ ما تهدّم منها ، وتنظيفها ، وتنويرها ، وتعظيمها ، واعتيادها للعبادة والذكر .
ومن الذكر درس العلم بل هو أجله ، وصونها عما لم تبن له من الخوض في أحوال الدنيا .
وفي الحديث : « إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان » ولم يذكر الإيمان بالرسول ، لأن الإيمان باليوم الآخر إنما هو متلقف من أخبار الرسول ، فيتضمن الإيمان بالرسول .
أو لم يذكر لما علم وشهر من أن الإيمان بالله تعالى قرينته الإيمان بالرسول ، لاشتمال كلمة الشهادة والأذان والإقامة وغيرها عليهما مقترنين مزدوجين ، كأنهما شيء واحد لا ينفك أحدهما عن صاحبه ، فانطوى تحت ذكر الإيمان بالله تعالى الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم .
وقيل : دل عليه بذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، إذ لا يتلقى ذلك إلا منه .
والمقصود من بناء المساجد وعمارتها هو كونها مجتمعاً لإقامة الصلوات فيها والتعبدات من الذكر والاعتكاف وغيرهما ، وناسب ذكر إيتاء الزكاة مع عمارة المساجد أنها لما كانت مجمعاً للناس بأنّ فيها أمر الغني والفقير ، وعرفت أحوال من يؤدي الزكاة ومن يستحقها ، ولم يخش إلا الله .
قال ابن عطية : يريد خشية التعظيم والعبادة والطاعة ، ولا محالة أن الإنسان يخشى غيره ، ويخشى المحاذير الدنيوية ، وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه .
وقال الزمخشري : هي الخشية والتقوى في أبواب الدنيا ، وأنْ لا يختار على رضا الله رضا غيره ، وإذا اعترضه أمر أن أحدهما حق الله تعالى ، والآخر حق نفسه ، خاف الله وآثر حق الله على حق نفسه .
وقيل : كانوا يخشون الأصنام ويرجونها ، فأريد نفي تلك الخشية عنهم انتهى .
وعسى من الله تعالى واجب حيثما وقعت في القرآن ، وفي ذلك قطع أطماع المشركين أن يكونوا مهتدين إذ مَن جمع هذه الخصال الأربعة جعل حاله حال من ترجى له الهداية ، فكيف بمن هو عار منها : وفي ذلك ترجيح الخشية على الرجاء ، ورفض الاغترار بالأعمال الصالحة ، فربما دخلها بعض المفسدات وصاحبها لا يشعر بها .
وقال تعالى : أن يكونوا من المهتدين ، أي : من الذين سبقت لهم الهداية ولم يأت التركيب أن يكونوا مهتدين ، بل جعلوا بعضاً من المهتدين ، وكونهم منهم أقل في التعظيم من أن يجرد لهم الحكم بالهداية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.