تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (66)

ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض ، وأن المشركين يعبدون الأصنام ، وهي لا تملك شيئا ، لا{[14329]} ضرًا ولا نفعا ، ولا دليل لهم على عبادتها ، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم .


[14329]:- في ت ، أ : "ولا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (66)

{ ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض } من الملائكة والثقلين ، وإذا كان هؤلاء الذين هم أشرف الممكنات عبيدا لا يصلح أحد منهم للربوبية فما لا يعقل منها أحق أن لا يكون له ندا أو شريكا فهو كالدليل على قوله : { وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء } أي شركاء على الحقيقة وإن كان يسمونها شركاء ، ويجوز أن يكون { شركاء } مفعول { يدعون } ومفعول { يتبع } محذوف دل عليه . { إن يتّبعون إلا الظن } أي ما يتبعون يقينا وإنما يتبعون ظنهم أنها شركاء ، ويجوز أن تكون { ما } استفهامية منصوبة ب { يتبع } أو موصولة معطوفة على من وقرئ " تدعون " بالتاء الخاطبية والمعنى : أي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين ، أي أنهم لا يتبعون إلا الله ولا يعبدون غيره فما لكم لا تتبعونهم فيه كقوله : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة } فيكون إلزاما بعد برهان وما بعده مصروف عن خطابهم لبيان سندهم ومنشأ رأيهم . { وإن هم إلا يخرُصون } يكذبون فيما ينسبون إلى الله أو يحزرون ويقدرون أنها شركاء تقديرا باطلا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (66)

ثم استفتح بقوله { ألا إن لله من في السماوات والأرض } أي بالملك والإحاطة ، وغلب من يعقل في قوله { من } إذ له ملك الجميع ما فيها ومن فيها ، وإذا جاءت العبارة ب «ما » فذلك تغليب للكثرة إذ الأكثر عدداً من المخلوقات لا يعقل ، ف { من } تقع للصنفين بمجموعهما ، «وما » كذلك « ، ولا تقع لما يعقل إذا تجرد من أن تقول : ما قائل هذا القول ؟ هذا ما يتقلده من يفهم كلام العرب ، وقوله { وما يتبع } يصح أن تكون { ما } استفهاماً بمعنى التقرير وتوقيف نظر المخاطب ، ويعمل { يدعون } في قوله { شركاء } ويصح أن تكون نافية ويعمل { يتبع } في { شركاء } على معنى أنهم لا يتبعون شركاء حقاً ، ويكون مفعول { يدعون } محذوفا ، وفي هذا الوجه عندي تكلف{[6159]} . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : [ تدعون ] بالتاء ، وهي قراءة غير متجهة{[6160]} ، وقوله وقوله { إن } نافية و { يخرصون } معناه يحدسون ويخمنون لا يقولون بقياس ولا نظر ، وقرأت فرقة » ولا يُحزنك «من أحزن ، وقرأت فرقة » ولا يَحزنك «من حزن .


[6159]:- يظهر من كلام أبي حيان أنه لا تكلف، لأن التقدير: إن الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة، إذ الشركة في الألوهية مستحيلة. ولو لم نقدر (حقيقة) أو (حقا) لدل التعبير على نفي اتباعهم الشركاء مع أنهم اتبعوهم فعلا.
[6160]:-قراءة التاء هي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيضا كما قال الزمخشري، قال: ووجه هذه القراءة أن يحمل (وما يتبع) على الاستفهام، أي: وأيّ شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين؟ إنهم يتبعون الله تعالى ويطيعونه، فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم؟ كقوله: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}. وفي إعراب [ما] أجاز الزمخشري أن تكون موصولة عطفا على (من) والعائد محذوف، أي: والذي يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء. وأجاز غيره أن تكون (ما) موصولة في موضع رفع على الابتداء والخبر محذوف، والتقدير: والذي يتبعه المشركون باطل.