تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (66)

وقوله تعالى : ( أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ) أي تعلمون أن لله من في السموات ومن في الأرض : كلهم عبيده وإماؤه ، فكيف قلتم : إن فلانا ولده ؟ وإن له شريكا ؟ ولا أحد منكم من عبيده وإمائه ولدا ولا شريكا كقوله : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم ) الآية [ الروم : 28 ] فعلى ذلك هذا . وكيف يحتمل أن يتخذ ولدا ، وله ملك ما في السموات والأرض ؟ وإنما يُتَّخذ في الشاهد الولد لإحدى خصال ثلاث : إما للاستنصار على غيره ، وإما لحاجة تمسه ، وإما لوحشة أصابته .

فهو غني له ملك السموات والأرض ، لا حاجة تسمه ، فكيف نسيتم الولد وإليه الشريك ؟ وما قالوا فيه مما لا يليق به ، وقد ذكرنا هذا في ما تقدم . ويخبر[ في الأصل وم : يخبره ] عن غناء عما يأمرهم ، وينهاهم ، ويتعبدهم ؛ أي ليس يأمر ، وينهى ، ويتعبد بأنواع العبادات ، ويمتحنهم بأنواع المحن بحاجة له أو لمنفعة له في ذلك ، ولكن لمنفعة لهم في ذلك .

وقوله تعالى : ( وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ) أي ما يتبعون في ما يدعون من دون الله من الشركاء بالحجج و البراهين أو الكتاب بيقين أو رسول ، إنما يتبعون بالظن والحذر ( وإن هم إلا يخرصون ) إي ما هم إلا يكذبون في ما يتبعون بدعائهم دون الله لأنهم كانوا أهل شرك لم يكونوا أهل كتاب ولا آمنوا برسول ، فهم قد عرفوا أنهم مفترون كاذبون في اتباعهم دون الله ؛ إذ سبيل معرفة ذلك الكتاب أو الرسول ، ولم يكن لهم واحد من ذلك ، والله أعلم .