تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مدنية .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا بَقِيَّة بن الوليد ، حدثني بحير بن سعد ، عن خالد بن مَعْدَان ، عن بن أبي بلال ، عن عِرْبَاض بن سارية ، أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال : " إن فيهن آية أفضل من ألف آية " .

وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من طرق عن بقية ، به {[1]} وقال الترمذي : حسن غريب .

ورواه النسائي عن ابن أبي السرح ، عن ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره مُرْسَلا لم يذكر عبد الله بن أبي بلال ، ولا العرباض بن سارية{[2]}

والآية المشار إليها في الحديث هي - والله أعلم - قوله : { هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } كما سيأتي بيانه إن شاء الله وبه الثقة{[3]} .

يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات والأرض أي : من الحيوانات والنباتات ، كما قال في الآية الأخرى : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } [ الإسراء : 44 ] .

وقوله : { وَهُوَ الْعَزِيزُ } أي : الذي قد خضع له كل شيء { الحكيم } في خلقه وأمره وشرعه


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحديد مدنية وقيل مكية وآيها تسع وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السموات والأرض ذكر ها هنا وفي الحشر والصف بلفظ الماضي وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع إشعارا بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته لأنه دلالة جبلية لا تختلف باختلاف الحالات ومجيء المصدر مطلقا في بني إسرائيل أبلغ من حيث إنه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال وإنما عدي باللام وهو متعد بنفسه مثل نصحت له في نصحته إشعارا بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه وهو العزيز الحكيم حال يشعر بما هو المبدأ للتسبيح .