بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الحديد مدنية وهي عشرون وتسع آيات .

قوله تعالى : { سَبَّحَ للَّهِ مَا في السماوات } يعني : صلى لله ما في السماوات من الملائكة { والأرض } من المؤمنين ، فسمى الصلاة تسبيحاً ، لأنه يجري فيها التسبيح . ويقال : { سَبَّحَ للَّهِ } ، يعني : ذكر الله ما في السماوات . يعني : جميع ما في السماوات من الشمس ، والقمر والنجوم والأرض ، يعني : جميع ما في الأرض من الإنس ، والأشجار ، والأنهار ، والجبال ، وغير ذلك . ويقال : { سَبَّحَ للَّهِ } يعني : خضع لله جميع ما في السماوات ، والأرض ، وقال بعضهم : التسبيح آثار صنعه ، يعني : في كل شيء دليل لربوبيته ، ووحدانيته . ويقال : هو التسبيح بعينه . يعني : يسبح جميع الأشياء كقوله : { تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } [ الإسراء : 44 ] وقال الحسن البصري ( لولا ما يخفى عليكم من تسبيح من معكم في البيوت ما تقادرتم ) . وروى سمرة بن جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أفْضَلُ الكَلامِ أرْبَعَةٌ : سُبْحَانَ الله ، وَالحَمْدُ لله ، وَلاَ إله إلاَّ الله ، وَالله أَكْبَرُ » وَلا يَضُرُّكَ بِأيِّهِنَّ بَدَأْتَ . { وَهُوَ العزيز الحكيم } يعني : العزيز بالنقمة لمن لا يوحّده ، { والعزيز } في اللغة : الذي لا يعجزه عما أراد . ويقال : { القوى العزيز } الذي لا يوجد مثله { الحكيم } في أمره ، وقضائه .