تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (61)

يقول تعالى : ومن المنافقين قوم يُؤذون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بالكلام فيه ويقولون : { هُوَ أُذُنٌ } أي : من قال له شيئا صدقه ، ومن حدثه فينا صدقه ، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا . روي معناه عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . قال الله تعالى : { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ } أي : هو أذن خير ، يعرف الصادق من الكاذب ، { يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي : ويصدق المؤمنين ، { وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ } أي : وهو حجة على الكافرين ؛ ولهذا قال : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (61)

{ ومنهم الذين يُؤذون النبيّ ويقولون هو أُذُنٌ } يسمع كل ما يقال له ويصدقه ، سمي بالجارحة للمبالغة كأنه من فرط استماعه صار جملته آلة السماع كما سمي الجاسوس عينا لذلك ، أو اشتق له فعل من أذن أذناً إذا استمع كأنف وشلل . روي أنهم قالوا محمد أذن سامعه نقول ما شئنا ثم تأتيه فيصدقنا بما نقول . { قل أُذنٌ خير لكم } تصديق لهم بأنه أذن ولكن لا على الوجه الذي ذموا به بل من حيث أنه يسمع الخير ويقبله ، ثم فسر ذلك بقوله : { يؤمن بالله } يصدق به لما قام عنده من الأدلة . { ويؤمن للمؤمنين } ويصدقهم لما علم من خلوصهم ، واللام مزيدة للتفرقة بين إيمان التصديق فإنه بمعنى التسليم وإيمان الأمان . { ورحمة } أي وهو رحمة . { للذين آمنوا منكم } لمن أظهر الإيمان حيث يقبله ولا يكشف سره ، وفيه تنبيه عل أنه ليس يقبل قولكم جهلا بحالكم بل رفقا بكم وترحما عليكم . وقرأ حمزة { ورحمة } بالجر عطفا على { خير } . وقرئ بالنصب على أنها علة فعل دل عليه { أُذنَ خير } أي يأذن لكم رحمة . وقرأ نافع { أذن } بالتخفيف فيهما . وقرئ { أذن خير } على أن { خير } صفة له أو خبر ثان { والذين يُؤذون رسول الله لهم عذاب أليم } بإيذائه .