تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

67

أخبر تعالى عن تعنت بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم . ولهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق عليهم ، ولو أنهم ذبحوا أي بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم ، كما قال ابن عباس وعبيدة وغير واحد ، ولكنهم شددوا فشدد عليهم ، فقالوا : { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ } ما هذه البقرة ؟ وأي شيء صفتها ؟

قال{[1972]} ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثام{[1973]} بن علي ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم{[1974]} .

إسناد صحيح ، وقد رواه غير واحد عن ابن عباس . وكذا قال عبيدة ، والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية وغير واحد .

وقال ابن جريج : قال [ لي ]{[1975]} عطاء : لو أخذوا أدنى بقرة كفتهم . قال ابن جريج : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أمروا بأدنى بقرة ، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم ؛ وايم الله لو أنهم لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد " {[1976]} .

{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ } أي : لا كبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها{[1977]} الفحل ، كما قاله أبو العالية ، والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطية العوفي ، وعطاء الخراساني{[1978]} ووهب بن منبه ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وقاله ابن عباس أيضًا .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس { عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ } [ يقول : نصف ]{[1979]} بين الكبيرة والصغيرة ، وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون . وروي عن عكرمة ، ومجاهد ، وأبي العالية ، والربيع بن أنس ، وعطاء الخراساني ، والضحاك نحو ذلك .

وقال السدي : العوان : النصف التي بين ذلك التي ولدت ، وولد ولدها .

وقال هشيم ، عن جويبر ، عن كثير بن زياد ، عن الحسن في البقرة : كانت بقرة وحشية .


[1972]:في ط: "وقال".
[1973]:في جـ: "هشام".
[1974]:تفسير الطبري (2/204).
[1975]:زيادة من جـ، ط، ب، و.
[1976]:رواه الطبري في تفسيره (2/205).
[1977]:في جـ، ط: "يلقحها"، وفي أ: "ينكحها".
[1978]:في جـ: "الخراساني وسيأتي".
[1979]:زيادة من جـ، ط، أ، و.