وقوله : { لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلك . . . }
والعَوانُ ليست بنَعْتٍ للبِكْرِ ؛ لأنها ليست بهَرِمَة ولا شابَّة ؛ انقطع الكلام عند قوله : { وَلاَ بِكْرٌ } ثم استأنف فقال : { عَوَانٌ بَيْنَ ذلك } والعَوان يقال منه قد عوَّنَت . والفارِضُ : قد فَرَضَت ، وبعضهم : قد فَرُضَت ( وأما البكر فلم ) نسمع فيها بفِعْل . والبِكر يُكْسر أوّلها إذا كانت بِكرْا من النِّساء . والبَكْر مفتوح أوّلَه من بِكَارَة الإبل . ثم قال " بَيْنَ ذَلِكَ " و " بَيْن " لا تصلح إلاّ مع اسمين فما زاد ، وإنما صلحت مع " ذلك " وحْدَه ؛ لأنّه في مذهب اثْنيْن ، والفعلان قد يُجمعان ب " ذلك " و " ذاك " ؛ ألا ترى أنّك تقول : أظنُّ زيدا أخاك ، وكان زيدٌ أخاك ، فلا بدّ لكان من شيْئَين ، ولا بدّ لأظن من شيئين ، ثم يجوز أن تقول : قد كان ذاك ، وأظنُّ ذلك . وإنما المعنى في الاسمين اللذين ضَمَّهما ذلك : بين الهَرم والشَّباب . ولو قال في الكلام : بَيْنَ هاتَيْن ، أو بين تَيْنِك ، يريد الفارِضَ والبِكْرَ كان صوابا ، ولو أعيد ذكرهما ( لم يظهر إلا بتثنية ) ؛ لأنهما اسمان ليسا بفِعْلين ، وأنت تقول في الأفعال فتوحِّد فعلَهما بعدها . فتقول : إِقْبالُك وإِدْبارُك يَشُقُّ عليّ ، ولا تقول : أخوك وأبوك يزورُنِي . ومما يجوز أن يقع عليه " بَيْن " وهو واحدٌ في اللّفظ مما يؤدّى عن الاثنين فما زاد قوله : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } ولا يجوز : لا نفرق بين رجل منهم ؛ لأنّ أحدا لا يُثَنّى كما يثنى الرجل ويُجَمع ، فإن شئت جعلت أحدا في تأويل اثنين ، وإن شئت في تأويل أكثر ؛ من ذلك قول الله عزّ وجلّ : { فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ } وتقول : بَيْنَ أيِّهِم الْمالُ ؟ وبَيْنَ مَنْ قُسِم المالُ ؟
فتجرى " مَن " و " أي " مجرى أحد ، لأنّهما قد يكونان لواحد ولجمع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.