قوله تعالى : " قالوا ادع لنا ربك " هذا تعنيت منهم وقلة طواعية ، ولو امتثلوا الأمر وذبحوا أي بقرة كانت لحصل المقصود ، لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، قاله ابن عباس وأبو العالية وغيرهما . ونحو ذلك روى الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولغة بني عامر " ادع " .
قوله تعالى : وقد تقدم{[860]} " يبين لنا " مجزوم على جواب الأمر ، " ما هي " ابتداء وخبر وماهية الشيء : حقيقته وذاته التي هو عليها .
قوله تعالى : " قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك " في هذا دليل على جواز النسخ قبل وقت الفعل ، لأنه لما أمر ببقرة اقتضى أي بقرة كانت ، فلما زاد في الصفة نسخ الحكم الأول بغيره ، كما لو قال : في ثلاثين من الإبل بنت مخاض ، ثم نسخه بابنة لبون أو حقة . وكذلك ههنا لما عين الصفة ، صار ذلك نسخا للحكم المتقدم . والفارض : المسنة . وقد فرضت تفرض فروضا ، أي أسنت . ويقال للشيء القديم فارض ، قال الراجز :
شيَّبَ أصداغي فرأسي أبيض *** محاملٌ{[861]} فيها رجال فُرَّضُ
لعمرك{[862]} قد أعطيتَ جارك فارضاً *** تساق إليه ما تقوم على رِجْلِ
يا ربّ ذي ضغن علي فارضِ *** له قروء كقروء الحائض
أي قديم . و " لا فارض " رفع على الصفة لبقرة . " ولا بكر " عطف . وقيل : " لا فارض " خبر مبتدأ مضمر ، أي لا هي فارض وكذا " لا ذلول " ، وكذلك " لا تسق الحرث " وكذلك " مسلمة " فاعلمه . وقيل : الفارض التي قد ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك ؛ لأن معنى الفارض في اللغة الواسع ، قال بعض المتأخرين . والبكر : الصغيرة التي لم تحمل . وحكى القتبي أنها التي ولدت . والبكر : الأول من الأولاد ، قال :
يا بكرَ بِكرينِ ويا خِلْبَ الكَبِد *** أصبحتَ مني كذراع من عَضُدْ
والبكر أيضا في إناث البهائم . وبني آدم : ما لم يفتحلْهُ الفحل ، وهي مكسورة الباء . وبفتحها الفتيّ من الإبل . والعوان : النصف التي قد ولدت بطنا أو بطنين ، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ، بخلاف الخيل ، قال الشاعر يصف فرسا :
كميت بهيم اللون ليس بفارض *** ولا بعوان ذاتِ لون مُخَصَّفِ
فرس أخصف : إذا ارتفع البلق من بطنه إلى جنبه . وقال مجاهد : العوان من البقرة هي التي قد ولدت مرة بعد مرة . وحكاه أهل اللغة . ويقال : إن العوان النخلة الطويلة ، وهي فيما زعموا لغة يمانية . وحرب عوان : إذا كان قبلها حرب بكر ، قال زهير :
إذا لقِحَتْ حربٌ عوانٌ مُضِرَّةٌ *** ضَرُوسٌ تُهِرُّ{[863]} الناس أنيابُهَا عُصْل
أي لا هي صغيرة ولا هي مسنة ، أي هي عوان ، وجمعها " عون " بضم العين وسكون الواو وسمع " عون " بضم الواو كرسل . وقد تقدم . وحكى الفراء من العوان : عونت تعوينا .
قوله تعالى : " فافعلوا ما تؤمرون " تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنت فما تركوه وهذا يدل على أن مقتضى الأمر الوجوب كما تقول الفقهاء ، وهو الصحيح على ما هو مذكور في أصول الفقه ، وعلى أن الأمر على الفور ، وهو مذهب أكثر الفقهاء أيضا ويدل على صحة ذلك أنه تعالى استقصرهم حين لم يبادروا إلى فعل ما أمروا به فقال : " فذبحوها وما كادوا يفعلون " [ البقرة : 71 ] . وقيل : لا ، بل على التراخي ، لأنه لم يعنفهم على التأخير والمراجعة في الخطاب . قاله ابن خويز منداد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.