مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

{ قَالُواْ ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِىَ } سؤال عن حالها وصفتها لأنهم كانوا عالمين بماهيتها ، لأن «ما » وإن كانت سؤالاً عن الجنس ، و «كيف » عن الوصف ولكن قد تقع «ما » موقع «كيف » ، وذلك أنهم تعجبوا من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا فسألوا عن صفة تلك البقرة العجيبة الشان ، و«ما هي » خبر ومبتدأ . { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ } مسنة ، وسميت فارضاً لأنها فرضت سنها أي قطعتها وبلغت آخرها . وارتفع «فارض » لأنه صفة ل «بقرة » ، وقوله : { وَلاَ بِكْرٌ } فتية عطف عليه . { عَوَانٌ } نصف . { بَيْنَ ذلك } بين الفارض والبكر ، ولم يقل بين ذينك مع أن «بين » يقتضي شيئين فصاعداً لأنه أراد بين هذا المذكور ، وقد يجري الضمير مجرى اسم الإشارة في هذا ، قال أبو عبيدة : قلت لرؤبة في قوله :

فيها خطوط من سواد وبلق*** كأنه في الجلد توليع البهق

إن أردت الخطوط فقل كأنها . وإن أردت السواد والبلق فقل كأنهما ، فقال : أردت كأن ذاك . { فافعلوا مَا تُؤْمَرونَ } أي تؤمرونه بمعنى تؤمرون به ، أو أمركم بمعنى مأموركم تسمية للمفعول بالمصدر كضرب الأمير .