تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالُواْ ٱطَّيَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰٓئِرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ تُفۡتَنُونَ} (47)

{ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ } أي : ما رأينا على وجهك ووجوه مَنْ اتبعك خيرا . وذلك أنهم - لشقائهم - كان لا يصيب أحدًا منهم سوءٌ إلا قال : هذا من قبل صالح وأصحابه .

قال مجاهد : تشاءموا بهم . وهذا كما قال تعالى إخبارًا عن قوم فرعون : { فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ } [ الأعراف : 131 ] . وقال تعالى : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [ النساء : 78 ] أي : بقضاء الله وقدره{[22080]} . وقال مخبرًا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون : { قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ . قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ } [ يس : 18 ، 19 ] . وقال هؤلاء : { اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ } أي : الله يجازيكم على ذلك { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } قال قتادة : تبتلون بالطاعة والمعصية .

والظاهر أن المراد بقوله : { تُفْتَنُونَ } أي : تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال .


[22080]:- في ف ، أ : "بقدر الله وقضائه".